‫الرئيسية‬ فكر إجتماعي معاصر الجندر مقالات الشّذوذ الجنسيّ في روايات المعصومين (عليهم السّلام)
مقالات - 10/09/2023

الشّذوذ الجنسيّ في روايات المعصومين (عليهم السّلام)

د. عبّاس حسن رضا[1]


[1] -باحث وأستاذ جامعي.

تعاني البشريّة، على امتداد حقباتها، أزماتٍ مختلفةٍ، أزماتٌ ظرفيّةٌ عابرةٌ وأخرى بنيويّةٌ؛ تؤدّي إلى تدمير المجتمعات وفنائها في بعض الأحيان. كما شهدت مظاهر مختلفة للانحرافات والشّذوذ عن الفطرة والحكمة. وقد أشار القرآن الكريم إلى كثيرٍ من المنكرات التي مارستها بعض الأقوام والشّعوب، كما حصل مع قوم “لوطٍ” ممّن خالفوا الفطرة الإنسانيّة وشريعة السّمحاء والذّوق والحكمة.

بيد أنّ تلك الأزمات استمرّت، ولم تنكفئ، على الرّغم من العذاب الشّديد الذي تعرّضت له تلك المجتمعات. إذ شهدت الأزمان التي تلت زمن قوم لوط استمرارًا واضحًا في ممارسة الموبقات والمنكرات والشّذوذ والانحرافات. وقد أشار القرآن الكريم في بعض آياته إلى إنكار تلك الأعمال، وكذلك السّنة النّبويّة المطهّرة وأحاديث أهل بيت العصمة (ع)  إلى تلك القضايا ووجوب تجنبّها وتداعياتها على المجتمعات. فما هي الآليات التي اتّبعها المعصومون الأربعة عشر (ع) في مواجهة الانحرافات والشّذوذ المخالف للفطرة الإنسانيّة؟

تعريفٌ اصطلاحيٌّ للشّذوذ الجنسيّ

بدايةً؛ لا بدّ من الإطلالة على اصطلاح الشّذوذ الجنسيّ؛ ليتسنّى لنا بعدها الاستفادة من بعض ما ورد عن الرّسول وأهل بيته (ع) حول التّحذير من ممارسة الانحراف؛ لما له من تداعياتٍ أخرويّةٍ ودنيويّةٍ.   يُطلق اصطلاح “الشّذوذ الجنسيّ” أو “البارافيليا” (Paraphilias)، أو ما يُعرف أيضًا بالانحراف الجنسيّ على مجموعةٍ من الاضّطرابات العاطفيّة التي تتمظهر في شكل سلوكيّاتٍ وتصرّفاتٍ ودوافع جنسيّةٍ غير طبيعيّةٍ. إذاً؛ الشّذوذ هو مخالفةٌ للمألوف والمعتاد. يشذّ شذوذًا؛ أي انفرد عن الجمهور وندر؛ فهو شاذٌّ. وشذَّ الرّجل إذا انفرد عن أصحابه، وكلّ شيءٍ منفردٌ؛ فهو شاذٌّ.

إنّ الجنس غريزةٌ طبيعيّةٌ تؤدّي دورًا مهمًّا في حياة الإنسان الشّخصيّة والاجتماعيّة؛ فهي مظهرٌ من مظاهر التّكامل بين البشر، بقسميه؛ الذّكر والأنثى. إذ يجد فيها الإنسان متّسعًا للاستمتاع المحلّل؛ فضلًا عن حفظ الوجود الإنسانيّ ونوعه عن طريق عمليّة التّكاثر والتّناسل، وما يتبع ذلك من تنظيمٍ للعلاقات الاجتماعيّة. بيد أنّ ممارسة هذه الغريزة خارج إطارها الطّبيعيّ بين الجنسين (الذّكر والأنثى)، يشكّل نوعًا من أنواع الشّذوذ ومخالفة النّواميس والسّنن الطّبيعيّة والمألوف.

تتبّع أحاديث المعصومين حول تلك الآفة

إذا أردنا تتبّع ما ورد من أحاديثٍ عن أهل بيت العصمة (ع) حول هذا الموضوع، لا بدّ من الإشارة إلى ما ورد في القرآن الكريم عن أوّل مجتمعٍ انتشرت فيه ظاهرة الشّواذ المخالفة للسّنن والنّواميس الطّبيعيّة والفطرة السّليمة؛ وهم قوم نبيّ اللَّه لوط (على نبيّنا وآله وعليه السّلام)؛ إذ قال الله (عزّوجلّ): ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ* إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ[1].

كما إنّ اسم “اللّواط” في اللّغة اللّاتينيّة (sodomy) قد اشتُّق من اسم مدينة “سَدُوم” التي كان قوم لوطٍ يعيشون فيها؛ وهي تقع جنوب البحر الميت في “فلسطين”. إذًا؛ الممارسة المحرّمة بين ذكرٍ ومثله تسمّى “لِواط”، أمّا بين أنثى ومثلها تسمّى “سِحاق”. وفي حديثٍ للإمام الصّادق (ع) إنّ: “هذين العملين الشّاذين كليهما بدءا في قوم لوطٍ، وإنّ أوّل من عمل هذا العمل هم قوم لوطٍ، فاستغنى الرّجال بالرّجال؛ فبقي النّساء بغير رجالٍ؛ ففعلن كما فعل رجالهنّ”[2].

أحاديث الواردة عن الرّسول (ص) وآله

ندرج بعضًا من الأحاديث الواردة عن رسول الله (ص) حول هذا الموضوع؛ منها:

  1. “إنّ أخوف ما أخاف على أمّتي من عملٍ قوم لوطٍ”[3].
  2. 2-  “من وجدتموه يعمل عمل قوم لوطٍ؛ فاقتلوا الفاعل والمفعول به”[4].
  3. 3-  “من ألحّ في وطي الرّجال لم يمت حتّى يدعو الرّجال إلى نفسه”[5].
  4. 4-  “سحاق النّساء بينهنّ زنى”[6].
  5. 5-  “السّحاقيّات ملعوناتٌ”[7].
  6. 6-  “لمّا عمل قوم لوطٍ ما عملوا، بكت الأرض إلى ربّها حتى بلغت دموعها السّماء، وبكت السّماء حتى بلغت دموعها العرش؛ فأوحى الله إلى السّماء أن أحصبيهم وأوحى إلى الأرض أن اخسُفي بهم”[8].

كما ورد عن أمير المؤمنين “عليّ بن أبي طالب” (ع) جملةٌ من النّصوص والأحاديث حول ذلك الموضوع؛ نختار منها الحديثين الآتيين: “ما أمكن أحدٌ من نفسه طائعًا يُلعب به، إلّا ألقى الله عليه شهوة النّساء”[9]، “فرض الله الإيمان تطهيرًا من الشّرك… وترك اللّواط تكثيرًا للنّسل”[10]. كما ورد عن الإمام (ع)؛ سمعت رسول الله (ص) يقول: “لعن الله المتشبّهين من الرّجال بالنّساء، والمتشبّهات من النّساء بالرّجال”[11]. وورد عن أهل بيت العصمة أحاديث كثيرةٌ منها ما ورد عن الإمام الرّضا (ع)؛ إذ يقول: “علّة تحريم الذّكران للذّكران والإناث للإناث، لما ركب في الإناث وما طبع عليه الذّكران، ولما في إتيان الذّكران الذّكران والإناث الإناث من انقطاع النّسل وفساد التّدبير وخراب الدّنيا”[12]. وعن الإمام الصّادق (ع)  لمّا سأله الزّنديق عن علّة تحريم اللّواط: “من أجل أنّه لو كان إتيان الغلام حلالًا لاستغنى الرّجال عن النّساء، وكان فيه قطع النّسل وتعطيل الفروج، وكان في إجازة ذلك فسادٌ كثيرٌ”[13].

كما ورد عن الإمام الصّادق (ع) أنّه قال: “كره أن يضيّع الرّجل ماءه ويأتي غير شكله، ولو أباح ذلك لربط كلّ رجلٍ أتانًا (أي حمارًا)، يركب ظهرها ويغشى فرجها؛ فيكون في ذلك فسادٌ كثيرٌ، فأباح ظهورها وحرّم عليهم فروجها، وخلق للرّجال النّساء ليأنسوا بهنّ، ويسكنوا إليهنّ، ويكنّ موضع شهواتهم وأمّهات أولادهم”[14]. كذلك؛ قال الإمام الصّادق (ع) حول هذا الأمر:” والعامل على هذا من الرّجال إذا بلغ أربعين سنةً لم يتركه، وهم بقيّة سدوم. أمّا إنّي لست أعني بهم أنّهم بقيّتهم أنّهم ولدهم، ولكنّهم من طينتهم، قال: قلت: سدوم التي قلبت، قال: هي أربع مدائن “سدوم” و”صريم” و”الدّما” و”غميرا”… أو (ولدنا وعمورا) إلخ”[15]. وعنه (ع) أيضًا أنّ النّبيّ (ص) قال: “من جامع غلامًا جاء يوم القيامة جنبًا لا ينقيه ماء الدّنيا، وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له جهنّم، وساءت مصيرًا. ثمّ قال: إنّ الذّكر يركب الذّكر؛ فيهتزّ العرش لذلك[16]” 

كما جاء في معتبرة “جميلٍ بن درَّاج” أنَّ امرأةً سألتْ الإمام الصّادق (ع)؛ فقالت: “ما تقول في اللّواتي مع اللّواتي؟ فقال (ع): “هنّ في النّار، وإذا كان يوم القيامة أُتي بهنَّ فأُلبِسن جلبابًا من نارٍ وخُفَّيْن من نارٍ وقناعًا من نار، وأُدخل في أجوافهنّ وفروجهنّ أعمدةٌ من نارٍ وقُذف بهنَّ في النّار”.[17] وفي معتبرة “إسحاق بن جرير”، عن أبي عبد الله (ع) -في حديث- أنَّ امرأةً قالت له: “أخبرني عن اللّواتي باللّواتي ما حدُّهنّ فيه؟ قال: حدُّ الزّنا، إنَّه إذا كان يوم القيامة يُؤتى بهنَّ قد أُلبسن مقطَّعاتٍ من نارٍ، وقُنِّعن بمقانع من نارٍ، وسُروِلن من نارٍ، وأُدخل في أجوافهنّ إلى رؤوسهنَّ أعمدةٌ من نارٍ، وقُذف بهنَّ في النّار. أيّتها المرأة، إنَّ أوّل من عمِل هذا العمل قوم لوطٍ، فاستغنى الرّجال بالرّجال؛ فبقي النّساء بغير رجالٍ؛ ففعلنَ كما فعل رجالهنّ”[18].

إضافةً  إلى ذلك؛ ما رواه “الكليني” بسنده عن “يعقوب بن جعفر”؛ قال: “سأل رجلٌ أبا عبد الله (ع) أو أبا ابراهيم (ع) عن المرأة تُساحق المرأة، وكان متّكئًا؛ فجلس وقال: “ملعونةٌ ملعونةٌ الرّاكبة والمركوبة، وملعونةٌ حتى تخرج من أثوابها؛ فإنَّ الله وملائكته وأولياءه يلعنونها، وإنَّا ومَن بقي في أصلاب الرّجال وأرحام النّساء، فهو والله الزّنا الأكبر”… قال رسول الله (ص): لعنَ اللهُ المتشبِّهات بالرّجال من النّساء ولعن اللهُ المتشبِّهين من الرّجال بالنّساء”. [19]وقد روى “الكليني” أيضًا بسنده عن “بشير النبَّال”؛ قائلًا: “رأيتُ عند أبي عبد الله (ع) رجلًا؛ فقال له:

  •  ما تقولُ في اللّواتي مع اللّواتي.
  • ردّ عليه: لا أُخبرك حتى تحلف لتُحدِّثن بما أُحدّثك النّساء.
  • فحلف له.
  • فقال: هما في النّار عليهما سبعون حُلَّةً من نارٍ فوق تلك الحُلَل جلدٌ جافٌّ غليظٌ من نارٍ عليهما نطاقان من نارٍ وتاجان من نارٍ، فوق تلك الحُلل، وخُفّان من نارٍ، وهما في النّار”[20].

هذا غيضٌ من فيضٌ عن الأحاديث التي وردت عن أهل بيت العصمة -عليهم السّلام- التي شدّدت على تحريم الشّذوذ الجنسيّ بأشكاله وأنواعه كافّةً، وعن العقاب في الدّنيا والآخرة؛ لما في ذلك العمل من تداعياتٍ نفسيّةٍ واجتماعيّةٍ وعائليّةٍ وجسديّةٍ واقتصاديّةٍ. والأهمّ من ذلك مخالفة الفطرة التي فطر الله النّاس عليها؛ إذ لا تبديل لخلق الله.

فحوى الرّوايات الواردة عن المعصومين حول الشّذوذ

سنعمد في هذه الفقرة إلى الاستفادة من فحوى الرّوايات الصّريحة والواضحة حول حرمة “السّحاق” و”اللّواط”.

·        انقطاع الحرث والنّسل

يتبيّن لنا من المنهج الوصفيّ أنّ العلّة الأهمّ في أحاديثهم تمحورت حول انقطاع النّسل الإنسانيّ، وأثر ذلك على استمرار البشريّة. فعندما يكتفي الرّجال بالرّجال والنّساء بالنّساء؛ ينقرض النّسل، وتنمحق البشريّة. وهذا خلاف ما أراده الله تعالى من استمرارٍ للبشريّة وعمارة الأرض والعبادة؛ إذ قال في الآية الكريمة:﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[21]. فإذا انقطع النّسل، واكتفى الرّجال بالرّجال والنّساء بالنّساء؛ فإنّ ذلك يصدّهم عن العبادة التي أمرهم الله بها، فيتحقّق بذلك إيحاء إبليس عن طريق تغلّب سلطته على السّلطة الإلهيّة التّشريعيّة المنسجمة مع الفطرة والحكمة واستمرار البشريّة.

·        مخالفة الفطرة والنّواميس التي أودعها الله

عندما نتكلّم عن مخالفة الفطرة؛ فإنّنا نستطيع تقديم مثالًا ينسجم مع طرحنا. فهل سمعتم بكلبٍ نكح كلبًا؟ أم سمعتم بخنزيرٍ لاط خنزيرًا آخر؟ ربّما هذا يدلّ على شغل إبليس وأعوانه من شياطين الإنس والجنّ ليس مع الحيوانات، فهو لا يوحي للحيوانات باللّواط، والإناث منهم بالسّحاق؛ إنّما يوحي للنّاس والجنّ لممارسة ذلك، ومخالفة السّنن والفطرة والحكمة. بيد أنّ الشّيء الآخر اللّافت في روايات أهل بيت العصمة (ع)؛ يتمحور حول انقطاع النّسل ومخالفة الفطرة. إلّا أنّ هناك أمورٌ أخرى، وروايات وردت عن أهل البيت (عليهم السّلام) لم نتطرّق لها، ومؤدَّاها أنّ النّكاح في الدّبر يؤدّي إلى أمراضٍ خطيرةٍ؛ إذ ذكرت بعض التّقارير أنّ منشأ “مرض السّيدا” كان اللّواط. والأمر الثّاني؛ هو تقزّز النّفس البشريّة السّليمة عند النّكاح في موضع الغائط؛ موضع القذارة. ناهيك عن إذا كان النّاكح مصابًا إصابةً خطيرةً؛ فينقلها لغيره  في أثناء نكاحه لامرأةٍ أو لرجلٍ.

العناصر والعناصر الأخرى

لعلّ تركيز جلّ اهتمام الرّوايات بانقطاع النّسل، يعود إلى أنس النّاس بهذا الطّرح أكثر من اللّوازم والأمور والعناصر الأخرى؛ مثل الأمراض والتّقزّز والقرف وغيرها، والتي تتبع العلّة السّابقة المذكورة في الأحاديث الشّريفة حول الأمر المركزيّ؛ وهو انقطاع النّسل والحرث. نذكر الدّليل على مخالفة الشّذوذ الجنسيّ، بمظهريه (اللّواط والسّحاق) للفطرة؛ أنّ غالبيّة الرّجال والنّساء يأنفون ممارسة ذلك ويكرهونه ويتجنّبوه. وأنّ ممارسي الشّذوذ هم الأقلّ والشّواذ من النّاس ممّن استجابوا لإيحاء إبليس وشياطين الأنس والجنّ في ممارسة هذا الفعل الشّنيع.

الفعل الطّبيعيّ للتّناسل

ورد في سورة البقرة المباركة: ﴿نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾[22]، ويدلّ هذا على أنّ الفعل الطّبيعيّ للتّناسل يكون عبر اتّباع نهجٍ واضحٍ وطريقٍ سليمٍ يتمظهر في إتيان الحرث متى نشاء؛ إلّا في الأوقات المانعة من ذلك، في حالات الحيض والنّفاس. والنّكتة العلميّة التي نستنبطها من ذلك، اتّباع دليل الفطرة؛ أي إتيان الفرج (الحرث)؛ وهو مثل الأرض التي يحرثها الإنسان، تكون خاليةً من الصّخور والأحجار والشّوائب الأخرى، كذلك سهلةً مؤاتيةً للحرث.

فالإنسان لا يحرث إلّا الأرض السّهلة المنتزعة الصّخور منها، فتصبح ليّنةً؛ لأنّ الحرث في أرضٍ صخريّةٍ لا يؤدّي إلى نتيجةٍ عملانيّةٍ. وتاليًا؛ هو عملٌ عبثيٌّ لأنّه يهلك آلة الحرث. وهذا المثال نسقطه على نكاح الرّجال للرّجال في الدّبر (أي موضع الغائط)؛ إذ يخرج حيزومه، وكلّه ملوّثٌ بالغائط. كذلك يحصل مع المرأة التي تمارس السّحاق؛ فهي تحرث فرج امرأةٍ أخرى؛ المكان الخطأ وغير المعدّ للحرث. وقد خلط البعض حول معنى “أنّى شئتم”، أهي زمانيّةٌ أم مكانيّةٌ، والأصحّ أنّها زمانيّة؛ إلّا في زمن الحيض والنّفاس. وقد استدلّ من رأى أنّها مكانيّةٌ، جواز وطء الرّجل لزوجه في الدّبر، في حين أنّ المرأة مفطورةٌ على النّكاح في فرجها؛ وهذا ما يؤدّي إلى تداعياتٍ سلبيّةٍ.

خلاصةٌ

إنّ المسألة الجنسيّة مسألةٌ لافتةٌ في فكر الإنسان وسلوكه؛ لما تشكّله من حاجةٍ فطريّةٍ مستمرّةٍ. لذلك نلحظ أنّ آراء البشر إزائها، أمام طريقين مختلفين؛ هما: القمع والحريّة والإباحة المطلقة. في حين نجد الحلّ في التّشريع الإلهيّ وخاتم الرّسل وأهل بيته (عليهم السّلام) يتمظهر في الاعتدال، وتجنّب الرّهبنة والحريّة المطلقة في آن.

يتبيّن لنا في أحاديث المعصومين (ع)، هدفيّة الله في خلقه للإنسان؛ فخلف كلّ عضوٍ أو غريزةٍ هدفٌ سامٍ، يجب توجيهه إلى الاتّجاه السّليم المنسجم مع الفطرة والحكمة الإلهيّة. وكلّ إنسان يخالف الفطرة، أكان بمخالفتها أم تداركها وقمعها والقضاء عليها؛ فهو كافرٌ بما خلق الله. فكيف بمن يشذّ عن الفطرة وينحرف، ويمارس الشّذوذ الجنسيّ، وما يتعرّض له من تداعياتٍ دنيويّةٍ وأخرويّةٍ. ومن التّداعيات الدّنيويّة: انقطاع النّسل، انتشار الأمراض المعدية والخطيرة، تقزّز النّفس البشريّة، مخالفة الآداب والسّنن ونواميس الطّبيعة التي أودعها الله سبحانه في الخلق.

إنّ ما تشهده الإنسانيّة من دعوةٍ إلى الشّذوذ الجنسيّ تحت مسميّات “المثليّة الجنسيّة” سيعرّض البشريّة لمخاطر كثيرة، وأضرار جسيمة، قد تصل إلى الهلاك. وقد حصل هذا مع حضاراتٍ وثقافاتٍ سادت ثمّ بادت، ولم يبق لها أيّ أثر يدلّ عليها، إلّا بما ورد في الكتب السّماويّة وبعض الكتب التّاريخيّة.

لائحة المصادر والمراجع:


[1] -سورة الأعراف، الآيتان 80-81.

[2] – الشيخ الصدوق: ثواب الأعمال وعقابها، ص 268.

[3] – الريشهري، محمد: مختصر ميزان الحكمة، مركز بحوث دار الحديث، قم المقدسة، ط5، 2005، ص 457.

[4] – سنن الترمذي، أبواب الحدود، باب ما جاء في حد اللوطي، حديثك 1456.

[5] – الكليني، محمد بن يعقوب: فروع الكافي، ج5، دار المرتضى، بيروت، 2017، ص 1150.

[6] – الشيخ المحدث النوري: مستدرك وسائل الشيعة: 14 / 353 ، حديث رقم: 16937، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة، 1999م.

[7] – الكليني، محمد بن يعقوب: فروع الكافي، ج5، دار المرتضى، بيروت، 2017، ص 1154.

[8] – العلامة المجلسي: موسوعة بحار الأنوار، قم المقدسة، ج ٧٦ – الصفحة ٧٢.

[9] – الكليني، محمد بن يعقوب: فروع الكافي، ج5، دار المرتضى، بيروت، 2017، ص 1152.

[10] – نهج البلاغة، الحكمة 249.

[11] – الشيخ الصدوق: علل الشرائع، مجلد 2، ص 602.

[12] – الشيخ الصدوق، علل الشرائع، مجلد 1، ص 547.

[13] – الريشهري، محمد: ميزان الحكمة، ج4، ص 2806.

[14] https://ar.al-shia.org/

[15] – الكليني، محمد بن يعقوب: فروع الكافي، ج5، دار المرتضى، بيروت، 2017، ص 1153.

[16] – الكليني، محمد بن يعقوب: فروع الكافي، ج5، دار المرتضى، بيروت، 2017، ص 1148.

[17] – المجلسي: بجار الأنوار، قم المقدسة، ج 79، ص 72.

[18] – الشيخ الصدوق: ثواب الأعمال وعقابها، ص 268.

[19] – الكليني، محمد بن يعقوب: فروع الكافي، ج5، دار المرتضى، بيروت، 2017، ص 1155.

[20] – الكليني، محمد بن يعقوب: فروع الكافي، ج5، دار المرتضى، بيروت، 2017، ص 1155.

[21]– سورة الذّاريات، الآية 56.

[22] -سورة البقرة، الآية 223.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الإلحاد الجديد: قراءة نقديّة في البنى الإبستمولوجيّة

إنّ تناول مسألة الرّؤى المناهضة للدّين بنسخته الكاملة، الشّاملة للمعتقدات والقيم والتّشريع…