الوساطة وقرارات الانفصال والحضانة في ضوء حاجات الطّفل
د. غادة عفيف جوني(*)
إنّ سنّ الحضانة في لبنان للأمّ لدى الطّائفة السّنّيّة هو 12 عامًا للصّبيّ والفتاة، وبعدها تنتقل الحضانة إلى الأب، ولدى الطّائفة الدّرزيّة 12 عامًا للصّبيّ و14 عامًا للفتاة للأمّ، قبل أن تنتقل إلى الأب. والحضانة للأمّ حتّى سنّ 14 للصّبيّ و15 للفتاة لدى طائفة الرّوم الأرثوذكس، و12 للصّبيّ و13 للفتاة لدى الطّائفة الإنجيليّة، في حين لم ينصّ قانون الطّوائف الكاثوليكيّة على سنّ حضانة محدّد، وإنّما على حقّ حضانة عامين للأمّ، تقرّر بعدهما المحاكم الرّوحيّة مصير الطّفل.
أمّا لدى الطّائفة الشّيعيّة، فتختلف الآراء الفقهيّة في سنّ الحضانة، بين من يذهب إلى أنّ الحضانة للأمّ لمدّة سنتين لكلٍّ من الصّبيّ والبنت، وبعدها تكون للأب؛ ورأي آخر أنّها للأمّ لمدّة سنتين للصّبيّ، وسبع سنوات للبنت، وبعدها تكون للأب، ورأي ثالث أنّها للأم لمدّة سبع سنوات لكلٍّ من الصّبيّ والبنت، وبعدها تكون للأب؛ كما توجد آراء أخرى مختلفة في الموضوع([1]).
كانت هذه الأرقام والاختلافات والتّنوّعات لتكون مقبولة لو كنّا أمام موضوع تدخل فيه مثلًا الحسابات والأرقام، أو لو كانت حقيقة الأطفال واحتياجاتهم تختلف من طائفة إلى طائفة، ومن مرجع إلى آخر. أمّا ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار فهو حاجات هذا الطّفل، وطبيعة الرّعاية المطلوبة لذلك، ومعايير تحقيقها، بعد أن يكون هذا الطّفل قد أقام علاقات مع محيطه، ورابطة تعلّق بوالدَيه.
إنّ القدرة على تكوين علاقات اجتماعيّة والدّخول في علاقات انفعاليّة مع الآخرين هي جوهريّة في حياة الإنسان ومن أسباب نجاحه وسعادته؛ فكما أنّ الحواس تساعدنا على الشّمّ والنّظر والسّمع والتّذوّق واللّمس، فإنّ مركز الانفعالات قد أصبح محدّدًا في الدّماغ؛ شأنه في ذلك شأن القدرات الأخرى، والوظائف المختلفة. غير أنّ هذه العمليّات في معظمها لا تتمّ بشكل تلقائيّ، إنّما من خلال التّعلّم والتّدرّب والتّماهي. والأمر نفسه ينطبق على تنظيم العلاقات التفاعليّة مع الأشخاص الّذين يدورون في فلك الطّفل، ويقومون بدورٍ مهمّ في مختلف مراحل حياته. فالطّفل بأمسّ الحاجة إلى من يقدّم له الرّعاية المناسبة، لتلبية حاجاته النّمائيّة المتنوّعة.
من هنا انطلقنا للبحث في تكوين هذه العلاقات، وآثار انفصال الوالدَين بفعل الطلاق، وما يستتبع ذلك من ضرورة تحديد حضانة الطّفل وتوزيعها على خريطة عمريّة بين الأمّ والأب، تحدّدها المحاكم الرّوحيّة والدّينيّة المولجة بذلك. في حين كان الأولى أن يعمد الوالدان – قبل اللّجوء إلى مسارات قضائيّة وقانونيّة – إلى إدارة الحضانة بناءً على مصلحة الطّفل الفضلى؛ من حيث تحديد جهة الحضانة وسنّها المناسب، وأوقات ومواعيد الرّؤية للطّرف الثّاني. وإذا تعذّر ذلك على الوالدَين، بفعل وقوع نزاعات بينهما مثلًا، يمكن في هذه الحالة اللّجوء إلى الوساطة. الوساطة خيار مناسب عندما تكون الأطراف غير راغبة أو غير قادرة على حلّ النّزاع، وتعتمد كعمليّة قصيرة الأجل، ومنهجيّة وموجّهة نحو المهمّة الّتي وجدت من أجلها حصرًا. إذ يدخل الوسيط كطرف ثالث، محايد، يعمل مع الوالدَين المتنازعَين لحلّ مسألة حضانة الأطفال. وما يميّز عمل الوسيط أنّه يعمل على الإشراف على تبادل المعلومات بين الطّرفين، والبحث في عملية المساومة. والوسيط يساعد الأطراف على إيجاد أرضيّة مشتركة، وقد يقترح أيضًا صياغة تسوية نهائيّة، ويتمثل دوره أيضًا في تفسير المخاوف، ونقل المعلومات بين الأطراف، ووضع إطار واضح ومحدّد للمشكلة.
تعتبر عمليّة الوساطة عمومًا أكثر سرعة، وأقلّ تكلفة، وأبسط إجرائيًّا من التّقاضي الرّسميّ، تسمح للأطراف بالتّركيز على الظّروف الأساسيّة الّتي ساهمت في النّزاع، بدلًا من التّركيز على القضايا القانونيّة. وعمليّة الوساطة لا تركّز على الحقيقة أو الخطأ، فالأسئلة الّتي تشير إلى صوابيّة أو خطأ أيّ طرف هي بشكل عامّ أقلّ أهميّة من مسألة كيفيّة حلّ المشكلة نفسها. وهنا، تتمثّل مهمّة الوساطة الأساسيّة في دراسة ملفّ الطّفل، وجميع الظّروف المرافقة لحالته، وحماية مصلحته الفضلى؛ لجهة تأمين حصوله على حاجاته المختلفة، وتحديد الجهة الّتي يمكن أن تراعي حاجاته بصورة أفضل، وآليّة المحافظة على العلاقة السّليمة مع الطّرف الثّاني، وذلك بعيدًا عن أيّ تجاذبات أو تأثيرات.
ممّا يعني أنّ الامتثال إلى المحاكم الشرعيّة وأحكامها يمكن أن يندرج في آخر لائحة الخيارات المتاحة لتحديد حضانة الطّفل، وذلك نظرًا لوجود معايير وضوابط عديدة يجب النّظر فيها لتوفير الرّعاية الأفضل للطّفل، وقد يكون ذلك متعذّرًا على المحكمة، أو ليس ضمن دائرة اهتماماتها ومسؤوليّاتها، أقلّه حاليًّا.
وقد اخترنا الإضاءة في هذه الورقة على جانبٍ واحدٍ من جوانب نموّ الطّفل ورعايته؛ وهو الذّكاء الانفعاليّ، لما له من أهميّة وتأثير في مختلف جوانب حياتنا من جهة، ونظرًا لما للوالدَين والأسرة من دور في تنميته، وذلك للتّأكيد على أهمية وجود طرف يراعي هذه الحاجات عند البتّ في موضوع الحضانة في حالات الطّلاق والانفصال، ونعني هنا الوساطة.
يتطوّر الذّكاء الانفعاليّ من خلال رابطة التعلّق الّتي تحدّث عنها العديد من الباحثين، ومن أهمّهم “بوبلي” (Bowbly)، وحاولوا تفسيرها، ممّا يعني بالتّالي أنّ انفصال الوالدَين وتوزيع حضانة الطّفل بينهما سيكون له أثره أيضًا في نموّ الطّفل الانفعاليّ، والاجتماعيّ.
نضع كلّ هذه النّتائج بين يديّ الوالدَين أوّلًا، وبمتناول الوسطاء الّذين يتصدّون لذلك ثانيًا. كما ندعو المحاكم الشرعيّة، أوّلًا وأخيرًا، إلى الاطّلاع، وبالتّالي الاستفادة من خلال توكيل جهات متخصّصة تعمل على دراسة الظّروف الّتي تضمن الرّعاية المناسبة للطّفل، وبناء حكمها وفق مقتضيات وظروف كلّ حالة من هذه الحالات. وهنا دعوة جديدة لتعيين وسطاء قادرين على تقديم هذه الخدمة.
حاجة الطّفل إلى التّعلّق
يُعرّف التّعلّق([2]) بأنّه ارتباط عاطفيّ ينشأ أساسًا بين الطّفل وأمّه. من هنا، تُعرف سلوكيّات التّعلّق في الطّفولة على أنّها تلك الأفعال الّتي يقوم بها الطّفل نتيجة لما يكتسبه بفعل التصاقه بمن يتولّى رعايته وحضانته، وهو في الأصل الأمّ. ونظرًا لأهميّة التعلّق كمظهر فعّال من مظاهر النّموّ النّفسيّ، كونه مصدرًا حيويًّا من مصادر تكوين شخصيّة الطّفل، أثار هذا الموضوع اهتمام العديد من علماء النّفس، فالتّعلّق حاجة نفسيّة بيولوجيّة لدى الطّفل.
إنّ تكوين علاقة عاطفيّة مع الأمّ يدخل في صميم حاجات الطّفل الحيويّة. وإنّ حجم الخبرات الّتي يتعرَّض لها الطّفل خلال طفولته لها تأثير كبير في نموّه الشّامل. وقد أصبح من المؤكدّ أنّ الطّفل السّعيد والفعّال هو نتاج العلاقات الطيّبة مع شخص الأمّ، أو الآخرين.
ويشير مصطلح التّعلّق([3]) إلى علاقة خاصّة، تتميّز بالخصائص الآتية:
- التعلّق هو علاقة عاطفيّة، لها طابع الاستمراريّة مع شخص الأمّ.
- تجلب العلاقات الانفعاليّة، القائمة على التّعلّق الإيجابيّ، الأمن والرّاحة للطّفل.
- فقدان أو مجرد التّهديد بغياب الشّخص المحبوب يولّد القلق والتّوتّر والاكتئاب لدى الطّفل، وخاصّة إذا حصل الانفصال خلال السّنة الأولى، أو الطّفولة المبكرة.
وتعدّ علاقات الأمّ/الطّفل من أوضح الأمثلة الّتي تتجلّى فيها هذه الصّيغة الخاصّة من العلاقة. وقد اتّضح، من الدّراسات الّتي عالجت هذه المسألة، أثرها الشّديد في عمليّة النّموّ الانفعاليّ عند الطّفل، وكيفيّة امتداد تأثيرها إلى الجوانب المختلفة من نموّه، حتّى ذهب بعض الباحثين إلى اعتبارها المحور الأساس الّذي يمكن الاستناد إليه للتّنبّؤ بكافّة العلاقات الاجتماعيّة الّتي سيطوّرها الطّفل لاحقًا مع نفسه، أو مع الآخرين، باعتبار أنّ التّعلّق السّليم بين الطّفل والأمّ سوف يساعد الطّفل على بناء علاقات ناجحة مع الآخرين، بينما يؤدّي العكس إلى ظهور اضطراب في نموّ الطّفل النّفسي، الانفعاليّ، الاجتماعيّ في المستقبل.
غير أنّه يتعذّر على الطّفل، في حال حرمانه من هذه العلاقة الطبيعيّة، أن ينمو بشكلٍ سليم، وأن يبني صورة إيجابيّة عن نفسه، وعن العالم الخارجيّ.
العوامل المؤثّرة في التّعلّق
إنّ طبيعة الرّعاية الّتي تقدّمها الأمّ خلال علاقتها بطفلها، في حال كانت متّسقة، تشكّل بيئة غنيّة بالمثيرات الحسِّيّة والعاطفيّة؛ ذلك أنّ عمليّات التّفاعل تتجسّد في هذه المرحلة في الاحتضان، والأرجحة، والغناء، وأسلوب تقديم الغذاء، والنّظر إلى وجه الطّفل، وتقبيله، والتّواصل البصري معه، والاحتضان، والحمل، والضحك معه، وغيرها من السّلوكات المعبّرة عن الاهتمام بحاجات الطّفل.
وعندما تختلّ علاقات التّفاعل بين الطّفل والأمّ، أو مع القائمين برعايته، بفعل الطّلاق مثلًا، عندئذٍ تضطرب علاقة التعلّق، وتؤدّي إلى شعور الطّفل بالتّهديد، والخوف، والتّوتّر. يدخل في تحديد طبيعة هذه الرّابطة مجموعة من العوامل، هي:
– الطّفل
تؤثّر شخصيّة الطّفل وخصائصه المزاجيّة في مسألة التّعلّق، فالطّفل سريع الغضب، الّذي تصعب تهدئته، يخلق انزعاجًا كبيرًا لدى الأمّ، الّتي يظهر عليها التّوتّر، ممّا ينعكس سلبًا على علاقتها به. كما أنّ قدرة الطّفل على الاشتراك في تفاعل نشط أو إيجابيّ مع الأمّ يساعد أكثر على بناء علاقة طيّبة مع الأمّ.
– مقدّمو الرّعاية
يمكن أن تعيق سلوكات مقدّمي الرّعاية للطّفل تعلّقه أو ارتباطه بالآخرين؛ فالآباء النّاقدون، الرّافضون، المتسلّطون، والسّلبيّون ينتجون أطفالًا يتجنّبون الإلفة والودّ مع الآخرين؛ بل قد يعزلون أنفسهم عن الخبرات الاجتماعيّة المختلفة، وينسحبون من مواقف التّفاعل الاجتماعيّ في المراحل العمريّة اللّاحقة.
وربّما لا تتجاوب الأمّ مع طفلها، نتيجة معاناتها من مرضٍ أو اضطراب نفسي أو مشكلات صعبة تمرّ بها، وغير ذلك من العوامل الّتي تؤثّر سلبًا في قدرتها على الاتّساق في معاملة طفلها، وفي قدرتها على رعايته.
– البيئة
الخوف هو العائق الرئيس للتّعلّق أو الارتباط السّويّ بالآخرين. فإذا عاش الطّفل في بيئة مكدّرة له؛ نتيجة التّهديد واضطراب البيئة، يمكن أن يواجه صعوبات بالغة في الاشتراك في علاقات التّفاعل الودّيّة مع مقدّمي الرّعاية له. والطّفل الّذي يعيش في بيئة منزليّة يشيع فيها العون الأسريّ، يكون أقلّ عرضةً لظهور مشكلات في التّعلّق أو الارتباط مع الآخرين.
– التّطابق وعدم التّطابق
من المهمّ لتطوّر علاقات التّعلّق توافر الأمن لدى الطّفل، ووجود التّطابق بين قدرات الطّفل وتكوينه المزاجيّ وقدرات الأمّ وتكوينها المزاجيّ. إذ يوجد آباء يكونون على ما يرام لدى تعاملهم مع أبنائهم الهادئين، بينما ينزعجون، ويتضايقون، ويشعرون بالعجز إذا تعاملوا مع طفل مزعج، سريع الغضب.
كلّ هذه العناصر تحتاج إلى تقييم نفسي واجتماعيّ للتّأكّد من رابطة التّعلّق الّتي اختبرها الطّفل، خاصّة إذا سبق الطّلاق مشاكل ومشدّات قد شهدها الطّفل، أو أثّرت على مقدّمي الرّعاية، وانعكست على البيئة الحاضنة له. وعلى ضوئها، يمكن لمن يقوم بالوساطة تقييم رابطة التّعلّق الّتي طوّرها هذا الطّفل مع مختلف مقدّمي الرّعاية له، وتحديد الجهة الأكثر كفاءة لحضانته، وتلبية حاجاته النّمائيّة المختلفة، مع مراعاة حقّ الطّرف الثّاني في هذه العلاقة من مشاركته الحضانة وفق مقتضيات كلّ حالة.
نظريّات تفسير رابطة التّعلّق
يرى “هيزرنجتون وباركي”([4]) أنّ “بداية ظهور التّعلّق تبدأ في ابتسامة الرّضيع لأمّه بصورة أكثر من الغرباء، وهذا غالبًا ما يحدث في عمر الثّلاثة أشهر، بعد ذلك قد يبكي الطّفل عندما تتركه أمّه، وبعد أشهر قليلة يتدرّب على البقاء إلى جوارها في جميع الأوضاع.
ويعدّ هذا المظهر في النّموّ من أهمّ إنجازات هذه المرحلة. وهذا النّموّ هو ما يطلق عليه التّعلّق الاجتماعيّ، ولعلّ الاهتمام بظاهرة التّعلّق الاجتماعيّ يعود إلى طبيعته كانفعال عاطفيّ. من هنا، يظهر دوره في عمليّات التّنشئة الاجتماعيّة”.
انطلاقًا من هذا التّحديد بالذّات، والتّحديدات الّتي عرضناها وتدلّ على وجود هذه العلاقة بين الطّفل والحاضن له، فإنّ الحديث عن وجود علاقة تعلّق يصبّ في مجال الإضاءة على مفهوم الذّكاء الانفعاليّ.
انطلاقًا من الأهميّة الّتي اكتسبها التّعلّق، كمظهر مؤثّر وفعّال من مظاهر النّموّ الانفعاليّ والاجتماعيّ ضمنًا، تعدّدت النّظريّات الّتي حاولت تغطية وشرح جذور نموّه، وقد حدّد “هيزرنجتون وباركي”([5]) ثلاث نظريّات رئيسة اهتمّت بظاهرة التّعلّق، وهي: نظريّة التّحليل النّفسيّ، نظريّات التّعلّم، النّظريّة الأخلاقيّة. وسنقدّم نظريّة الذّكاء الانفعاليّ على أنّها أحد التّفسيرات لرابطة التّعلّق.
– النّظريّة النّفسيّة
أشار “بولبي”([6]) في تحقيق لمنظّمة الصّحّة العالميّة 1951 بأنّه من “الضّروري لسلامة الصّحّة العقليّة للرّضيع والطّفل الصّغير، أن يعيش علاقة دافئة ووثيقة ومتّصلة مع الأمّ -أو بديل عنها- والّتي يجد فيها الاثنان الاكتفاء والمتعة”([7]).
عمل بولبي على تبنّي إستراتيجيّة بحث متبصّرة قام بها جيمس روبرتسون([8])، الّذي تابع كيفيّة استجابة الأطفال الصّغار في العامَين الثّاني والثّالث من العمر إذا ابتعدوا عن البيت واعتنى بهم أناس متعاقبون مختلفون في مكان غريب عنهم، وكيف يتصرّفون في أثناء وبعد عودتهم إلى أمّهاتهم. قسّم جيمس مشاهدته إلى عدّة مراحل تبدأ بالافتراق –إلى دار حضانة داخليّة أو مستشفى- حيث يكون عادةً الصّغير منزعجًا ومتألّمًا لبعض الوقت، وليس من السّهل التّرويح عنه. وبعد عودة الصّغير إلى منزله، إمّا أن يكون غير مكترث بأمّه عاطفيًّا، وإمّا أن يكون متعلّقًا بها بشدّة، واعتبر جيمس أنّ فترة اللّامبالاة تكون قصيرة أو طويلة وتعود إلى مدّة الانفصال، وتستبق فترة يطلب فيها الطّفل أمّه بقوّة، ولو ظنّ الطّفل حينئذٍ، لسبب أو لآخر، بوجود خطر افتراق آخر، فغالبًا ما يصبح هذا الطّفل قلقًا.
استخلص جيمس من دراسته أنّ “فقدان موضوع الأمّ” يمكن أن يولّد ردّات فعل سلبيّة ذات أهمّيّة عظمى بالنّسبة إلى الأمراض النّفسيّة، واعتبر أنّ هذه الملاحظات هي نفسها موجودة بشكل فعّال لدى الأشخاص الأكبر سنًّا الّذين عاشوا الانفصال في سنين حياتهم المبكرة. وهي تشمل في أحد جوانبها ميلهم الشّديد لأن يطلبوا الكثير من الآخرين، ومن ثمّ يصبحون قلقين وغاضبين عندما لا يُستجاب لمطالبهم، وفي بعض الحالات يوصفون بأنّهم عُصابيّون، وقد لا يستطيعون إقامة علاقات عميقة مع الآخرين، مثل الشّخصيّات الباردة عاطفيًّا والمرضيّة (السّيكوباثيةّ).
تبقى قضيّة مهمّة لا يزال يختلف فيها الباحثون، تشمل الدّور الّذي تلعبه متغيّرات أخرى في استجابات الأطفال للانفصال. وهذه العناصر تشمل المحيط الذي يجد الطّفل نفسه فيه، ونوع الرّعاية البديلة الّتي يتلقاها، ونوع العلاقة قبل الحرمان وبعده. ويبقى حضور أو غياب موضوع الأم بحدّ ذاته على درجة عالية من الأهمّيّة في تحديد حالة الطّفل العاطفيّة بالنّسبة إلى دراسات جيمس المبكرة، وهذا بخلاف نتائج “مشروع الرّعاية بالتّبنّي “(Foster- Care project) الّذي قام به في وقتٍ لاحق، حيث لم يعطِ الاهتمام الكافي لتأثير العناية الجيّدة من قبل الأمّ البديلة.
– نظرية التّعلّم
لم يستبعد أنصار هذا الاتّجاه أهمّيّة آثار الرّضاعة والتّغذية في نموّ التّعلّق، إذ تمثّل عمليّات إشباع الجوع الدّافع الأوّل للتّعلّق، إلا أنّهم لم يروا أنّ هذه الأفعال تكتسب سمات تدعيم ثانويّة، وتدريجيًّا تأخذ قيمة إيجابيّة مكتسبة. بعبارة أخرى، فإنّ وجود الأم في حدّ ذاته- بعيدًا عن وظائف التّغذية- يصبح له قيمة إشباعيّة رمزيّة في مسيرة نموّ الطّفل، وبالتّالي يكتسب الطّفل الحجّة الدّائمة للاتّصال؛ بل والالتصاق بأمّه، وهو ما يشير إلى بداية نشأة التّعلّق وتطوّره.
– نظريّة التّحليل النّفسيّ
سجّل دوروثي بيرلنجهان وأنّا فرويد([9]) خبراتهما حول رعاية الأطفال الصّغار في دار للحضانة، واعتبرا أنّه من المستحيل في وضع دار الحضانة أن يعتني بالطّفل بديلٌ ويرعاه كما تفعل الأمّ. وفي تجربة لاحقة، نُظّمت في دار حضانة تسمح لكلّ ممرّضة بالاعتناء بمجموعة صغيرة من الأطفال، كانت النّتيجة ظهور أنانيّة شديدة لدى الأطفال بالنّسبة إلى ممرّضاتهم، وأصبحوا غيورين عندما تولي الممرّضة اهتمامها طفلًا آخر. كما تشير التّقارير إلى أنّ الأطفال لا يصبحون أنانيّين وغيورين جدًّا نحو ممرّضتهم الخاصّة فقط، لكنّهم يصبحون أكثر عرضة لأن يكونوا عدائيّين، رافضين لها، أو أن يدخلوا في حالة من اللّامبالاة العاطفيّة. وقد أظهر هؤلاء الأطفال تعلّقًا مفرطًا في التّملّك، وهم لا يرغبون في أن يُتركوا ولو لدقيقة واحدة، ويطلبون باستمرار شيئًا لا يعرفون بالضّبط كيف يعبّرون عنه. بعد ذلك، تتوقّف ردود الفعل عندما تغيب الممرّضة ثمّ تعود، حتّى لأوقات محدودة، ويصبحون هادئين غير مبالين.
وبعد العودة إلى المنزل، فإنّ السلوك المُتّبع يتوقّف على طول المدّة الّتي قضاها الطّفل خارج منزله، فعند مقابلة الأمّ لأوّل مرة بعد الانفصال، يُظهر الطّفل حالة من اللّامبالاة، حتّى أنّه في بعض الحالات يبدو كأنّه لا يتعرَّف إلى الأمّ، ويكون على وشك البكاء، أو قد يبدأ فعلًا بالبكاء، أو تظهر عنده حالة من عدم القدرة على التّعبير.
– نظريّة أريكسون
وضع أريكسون هذه النّظرية عام 1965. وهي تنظر إلى نموّ الطّفل على أنّه حصيلة العوامل الاجتماعيّة، والثّقافيّة، والانفعاليّة في المحيط الّذي يعيش فيه. ويصف أريكسون تطوّر شخصيّة الطّفل من خلال ثماني مراحل. وتتضمّن كلّ مرحلة بعض المهامّ النّفسيّة والاجتماعيّة الّتي يجب على الشّخص أن يجتازها، حتّى يصل إلى التّكامل في النّموّ والسّلوك. لقد ركّز أريكسون على أزمة الهويّة الّتي تفسّر العديد من اضطرابات السّلوك لدى الشّباب. ويبدأ بناء هذه الهويّة منذ الطفولة.
وتُعدّ وجهة نظر أريكسون أكثر إنسانيّة من تلك الّتي تعود لفرويد. فقد أشار أريكسون إلى دور الوالدَين في تشكيل الشّخصيّة، كما أنّه يعطي كثيرًا من الأهمّيّة لأدوار الأشقّاء، والأقران، والمجتمع في المجال نفسه. وعلى العكس من فرويد، كانت توجّهاته نحو الشّخصيّة المريضة أقلّ، ليتّجه أكثر نحو بناء الشّخصيّة السّليمة. كما كان أكثر تفاؤلًا من فرويد؛ ذلك أنّه يعتقد بأنّ الأشخاص يمكن أن يتغيّروا نحو الأسوأ أو الأفضل أثناء تطوّر شخصيّاتهم، ولكنّه كان يصرّ على أنّ التّغيير نحو الأفضل يحظى بفرصة جيّدة في عمر المراهقة.
بالنّسبة إلى أريكسون، إنّ الشّخصيّة لا تكون محدّدة في الطّفولة المبكرة كما يعتقد فرويد، وإنّما يستمرّ نموّها طوال حياة الإنسان، لأنّ خبرة الفرد تزداد يومًا بعد يوم، ويختلف مع فرويد في تفاؤله بأنّ الإخفاق في مرحلة ما يمكن أن يصحّح بالنّجاح في المراحل اللّاحقة. من هنا، يمكن القول بأنّ أريكسون أدخل تعديلًا على نظريّة النّموّ الانفعاليّ من ناحيتَين، هما:
- تأكيد التّفاعل المتبادل، بين المحتوى الاجتماعيّ والمراحل البيولوجيّة.
- التّوسيع في عدد المراحل، الّذي يصل إلى ثماني مراحل، بدءًا بالولادة حتّى نهاية سنّ الرّشد.
يرى أريكسون أنّ النّموّ الإنسانيّ يمرّ عبر مراحل متسلسلة، ولكلّ مرحلة أهدافها، ومهمّاتها، ومخاطرها. ويرى كذلك أنّ هذه المراحل تتفاعل بعضها مع بعض. وأنّ النّجاح في إتمام مهامّ مرحلة نمائيّة معيّنة يعتمد، إلى حدّ كبير، على النّجاح في اجتياز المهامّ النّمائيّة المرتبطة بالمراحل السّابقة. ويؤكّد أنّ الفرد يواجه في كلّ مرحلة من مراحل النّموّ أزمات نمائيّة (Development crisis)، وتتضمّن كلّ أزمة صراعًا بين بدائل إيجابيّة، وأخرى سلبيّة. وأنّ الطّريقة الّتي يحلّ بها الفرد هذا الصّراع، ويجتاز بها الأزمات، تؤثّر في رؤيته لنفسه، وللمحيطين به.
كما أنّ الإخفاق في حلّ المشكلات المرتبطة بالمراحل المبكرة يمكن أن يترك آثارًا مؤذية في حياة الفرد فيما بعد. إلّا أنّ إصلاح الضّرر ممكن في المراحل اللّاحقة من حياة الفرد. ويرى أريكسون أنّ هويّة الفرد تنمو من خلال سلسلة من الأزمات، وهي الّتي تؤدّي إلى نموّ الشّخصيّة أو نكوصها. فالفرد مرغم على التّفاعل مع المحيطين به، ومن خلال هذا التّفاعل توجد لدى الفرد فرصة لتطوير شخصيّته السّويّة. وتحدث مرحلة تعلّم الهويّة مقابل اضطراب الهويّة في سنّ المراهقة؛ إذ يقوم المراهق بعمليّة تجريب هويّات مختلفة وانتقاء الهوية المناسبة. وتبدو هذه العمليّة من خلال التّغيّرات الّتي تطرأ على اهتمامات المراهق، وميوله، وتفكيره، وصداقاته، وأنماط سلوكه، ومعاييره، ومعتقداته، ومثله العليا. وقد يعاني عدد من المراهقين من مشاعر الاضطراب في الهويّة، ويعبّرون عن ذلك بشكل عُصاب، وتمرّد، وخجل.
بعد استعراض أهمّيّة رابطة التّعلّق في عمليّة النّموّ الانفعاليّ عند الطّفل، نجد أنّ السّؤال الّذي يطرح مباشرةً هو حول النّتائج المترتّبة على عدم وجود هذه الرّابطة أو وجود خلل فيها، وهنا نكون أمام مطلب بحثيّ آخر، وهو تحديد تأثير “الانفصال في عمليّة نموّ الذّكاء الانفعاليّ عند الطّفل”.
أثر الانفصال في الذّكاء الانفعاليّ
يتميّز الذّكاء الانفعاليّ عن الذّكاء العامّ بأنّ إمكانات تطوير الأوّل تبدو ممكنة وكبيرة من خلال التّربية والبرامج المختصّة. فالذّكاء الانفعاليّ([10]) أقلّ حتميّة وراثيّة من الذّكاء العامّ؛ ممّا يعطي الفرصة للوالدَين والمربّين في أن ينمّوا المهارات الانفعاليّة عند الطّفل.
لكنّ الأمر المهمّ الّذي يجب الالتفات إليه هو أنّ الأدلّة تشير إلى أنّ الذّكاء الانفعاليّ يتطوّر منذ السّنوات الأولى من حياة الطّفل، وقد تكون بالتّالي السّنوات الّتي يقضيها الطّفل في المدرسة فرصة أخيرة لرعاية وتنمية المهارات الانفعاليّة، إذ يقول هارولد روبنسون([11]) من كليّة الطّبّ في Dartmouth أنّ حدوث اضطراب في العلاقة بين الطّفل ومن يقوم برعايته في فترة مبكرة يجعل دماغ الطّفل يستهلك الجلوكوز لمعالجة التّوتّر، بدلًا من إمكانيّة استخدامه في تأدية وظائف معرفيّة مبكرة.
كذلك، فإنّ تعرّض الطّفل في فترة مبكرة من حياته للتّوتّر أو العنف يجعل الدّماغ يعيد تنظيم نفسه، حيث يزيد من مواقع الاستقبال للموادّ الكيماويّة المتعلّقة بالوعي والانتباه، وهذا من شأنه أن يزيد عمليات ضغط الدمّ، ممّا يجعل الطّفل أكثر اندفاعيّة وعدوانيّة في المدرسة. ويذكر هارولد روبنسون([12]) أنّ هذا ما يؤكّده كلّ من ويلسون (Wilson)، ويلنر (Willner)، كارز (Kurz)، ونادل (Nadel)، بأنّ الكثير من ذكائنا الانفعالي نتعلّمه في السّنوات الأولى من حياتنا. فالأطفال يتعلّمون كيف يتصرّفون في العديد من المواقف البسيطة بفضل تربية الأبوَين لهم. إنّ أسلوب تربية الأبناء يختلف من أسرة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر. وإذا قامت العلاقة بين الطّفل والوالدَين على الحماية والدفء، كانت مشاعر الأمل، والتّفاؤل، والثقة بالنّفس كبيرة عند الطّفل، والعكس صحيح…
ويرى غولمان([13]) (Golman) أنّ السّنوات المبكرة من العمر تمثّل الفرصة الأولى لتشكيل مكوّنات الذّكاء الانفعالي، على الرّغم من أنّ هذه القدرات تستمر في النّموّ طوال سنوات الدّراسة، كما أنّ قدرات الطّفل العاطفيّة الّتي يكتسبها ترتكز على ما تشكّل في هذه السّنوات المبكرة، فهذه القدرات العاطفية هي الأساس الضّروري لكلّ أشكال التّعلّم. هذا ويظهر من خلال الدّراسات أنّ أسلوب الآباء في معاملة أطفالهم، سواء اتسمَّ بالقسوة، أو بالإلفة، أو بالاهتمام، يترتّب عليه حياة الطّفل العاطفيّة لما تتركه من آثار على الطّفل. كما أوضحت البيانات أنّ الطّفل الّذي ينعم بوالدَين ذكيّين عاطفيًّا يستفيد فائدة عظيمة، لأنّ أسلوب تبادل مشاعر الأبوَين فيما بينهما، بالإضافة إلى تعاملهما المباشر مع الطّفل، يمنحان الطّفل دروسًا مهمّة في حياته.
من هنا نجد أننا أمام نتائج قد لا نستطيع معالجتها بسهولة، في حال وجود انفصال مبكر بين الطّفل والأمّ بشكلٍ خاصّ، وبين بيئته الأسريّة بوجهٍ عامّ، نتيجة لما لذلك من تأثير سلبيّ عليه يطال ذكاءه الانفعاليّ، وتحصيله ومستقبله المهنيّ.
وبالعودة إلى الوسيط، والدّور الذي يمكن أن يقدّمه في عمليّة تحديد الحضانة، نذكر الآية: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾([14]).
ونعود إلى بعض مواصفات الوساطة الّتي من شأنها أن تشجّع على الاحتكام إليها في مثل قضايا الحضانة وغيرها، ويكون بذلك اللّجوء إلى القضاء الخيار الأخير، بعد فشل الخيارات الأخرى في تحقيق المطلوب. وتتميّز الوساطة بما يجعل فرص العودة إليها عاليًا، على سبيل ذلك:
الكلفة: وهي في الأغلب مجّانيّة، دون بدل ماديّ، وفي حال وُجدت تكاليف ستكون حكمًا أقلّ من التّقاضي في المحاكم، على مختلف أنواعها.
السّرعة: وهو معيار جدًّا أساسيّ ومهمّ في حلّ النّزاعات المرتبطة بقضايا الحضانة، كي لا يبقى الطّفل رهين النّزاعات لمدّة طويلة، والسّرعة في إنجاز ذلك من مواصفات الوساطة.
المرونة: حرّيّة اختيار الوسيط، وحرّيّة الوسيط في الوصول إلى حلول مرضية للطّرفين، وتراعي مصلحة الطّفل محلّ النّزاع في موضوع الحضانة، من دون أن يضطرّ الوسيط إلى الالتزام بالإجراءات والضّوابط الشّكليّة الّتي يفرضها التّقاضي أمام المحاكم.
مشاركة الأطراف: تعتمد الوساطة على التّقريب بين وجهات نظر الأطراف المتنازعة، وتنتهي بتقريب وجهات النّظر، والتّوصّل إلى قرار مُرضٍ للجميع، في حين يعود للقضاء تعيين طرف رابح في ادّعائه مقابل آخر خسر ذلك.
تخفيف المثول أمام القضاء: إنّ العودة إلى الوسطاء في الدّرجة الأولى، والقضاء في المرحلة الأخيرة، يمكن أن يخفّف من حجم الملفّات والدّعاوى الّتي ترفع أمام القضاء، والعبء الملقى على عاتقه.
في الختام، انطلاقًا من هذه الحقائق، من أهمّيّة رابطة التّعلّق عند الطّفل، ونتائج الانفصال عليه وفقًا لمختلف النّظرياّت المفسّرة لذلك، وصولًا إلى آثار الانفصال على الذّكاء الانفعاليّ الّذي توصّلت الأبحاث العلميّة اليوم إلى تأكيد دوره في نجاح الإنسان في مختلف جوانب الحياة ومجالاتها، بالإضافة إلى حاجة هذا النّوع من الذّكاء إلى التّفاعلات الانفعاليّة الغنيّة لتحسين مستواه، نكون أمام مسؤوليّة كبيرة للبحث في مصلحة الطّفل الفضلى، لجهة تلبية متطلّبات النّموّ بمختلف أبعادها، والنّظر في حضانة الطّفل على ضوء ذلك، وذلك فقط.
نجد أنّنا أمام نتائج قد لا نستطيع معالجتها بسهولة في حال وجود انفصال مبكر بين الطّفل والأمّ بشكلٍ خاصّ، وبين بيئته الأسريّة بوجهٍ عامّ، نتيجة لما لذلك من تأثير سلبيّ على تطوّر ذكائه الانفعاليّ، وبالتّالي تحصيله ومستقبله الحياتيّ والمهنيّ. على أن تكون الجهة الحاضنة قد أثبتت خلال رعايتها أنّها قادرة على تلبية هذه الحاجات، وعلى من يتصدّى لهذه الحالات التّأكّد من ذلك أيضًا لضمان مصلحة الطّفل الفضلى في الحصول على الرّعاية المناسبة. وقد تبيّن أنّ الوساطة، بما لديها من مميّزات، مرشّحة للقيام بهذه المهمّة بنجاح.
وبالتّالي، إنّ تكليف وسيط مناسب يقوم بهذه المهمّة، سواء كان وسيطًا من قبل العائلة، أو من قبل جهة متخصّصة بناءً على تكليفٍ من المحاكم الشّرعيّة لتقديم استشارة متخصّصة، يساعد في ضمان حُسن رعاية أطفالنا، وتلبية حاجاتهم.
لائحة المصادر والمراجع
المصادر والمراجع العربيّة
- جينسن، إيريك، كيف نوظّف أبحاث الدّماغ في التّعليم، ترجمة مدارس الظهران الأهليّة، الطّبعة الأولى، المملكة العربيّة السّعوديّة، دار الكتاب التّربوي للنّشر والتّوزيع، 2001م.
- شقير، محمّد، الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة وآليّتها المؤسّسية، جريدة الأخبار، 2021م.
https://al- akhbar.com/Opinion/305026
المصادر والمراجع الأجنبيّة
- Ainsworth, M. S., Infant – Mother Attachment, American Psychology, vol. 34(10), 1979, pp. 932-938. https://psycnet.apa.org/doi/10.1037/0003-066X.34.10.932.
- Bowlby, J., Separation Anxiety, The International Journal of Psycho-Analysis vol. 41, 1960, pp. 89-113.
- Bruce D. Perry, M. D., Bonding and Attachment in Maltreated Children: Consequences of Emotional Neglect in Childhood, Caregiver Education Series, New York, w.w.w Norton & Company, 2001.
- Burlingham, D. & Freud ,A., Infants without Families, London, Child Development, vol. 41, 1944, pp. 291-311.
- Goleman D., About Emotional intelligence, New York, Scholastic Early Childhood Today, Vol.13, ISS.4, 1999, pp. 2-29.
- Hetherington, E.M. & Parke, R.D., Child Psychology: A Contemporary Viewpoint, third edition, London, Mc Grow Hill. Inc., 1987.
- Robertson J., Some Responses of Young Children to the Loss of Maternal Care, Nursing Times, vol. 49, 1953, pp. 382-386.
- Stein, S., & Book, H., EQ edge: Emotional Intelligence and your success, London, Kogan Page, 2001, pp. 276.
(*) أستاذة في التربية في الجامعة اللّبنانيّة.
([1]) محمّد شقير، الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة وآليتها المؤسّسيّة.
([2]) M. S., Ainsworth, Infant – Mother Attachment, p. 933.
([3]) M. S., Ainsworth, Infant – Mother Attachment, p. 935.
([4]) E.M Hetherington, & R.D. Parke, Child Psychology: A Contemporary Viewpoint, p. 23.
([6]) J. Bowbly, Separation Anxiety, p. 89.
([7]) James Robertson, Some Responses of Young Children to the Loss of Maternal Care, p. 383.
([9]) D. Burlingham, & A. Freud, Infants without Families, p. 294.
([10]) S. Stein, & H. Book, EQ edge: Emotional Intelligence and your success, p. 5.
([11]) إيريك جينسن، كيف نوظّف أبحاث الدّماغ في التّعليم، ص23-24.
([12]) إيريك جينسن، كيف نوظّف أبحاث الدّماغ في التّعليم، ص23-24.
إشكاليّات الحضانة في السّياق الفقهيّ والقانونيّ
تمّت أشكلة مسألة الحضانة في الخطاب العام نتيجة لعوامل عدة، بعضها موضوعي وبعضها دعائي موجّه…