الحرّيّة بين قداسة العنوان ومسخ المضمون
الشيخ علي عبد الساتر
مقدّمة
انتشرت الفلسفة اللّيبرالية عالميًّا، بعد الحربيْن العالميّتين الأولى والثّانية، حين كانت اللّيبرالية في الجانب المنتصر للحربيْن كلتيهما. وعلى هذا، كانت الأساس في صياغة النّظام العالميّ الجديد الّذي ما نزال تحت سطوته حتّى اليوم. لكن، تغيّر تعريف مفهوم اللّيبراليّة، في القرن الماضي، بما يتماشى وأهداف أتباعه، فتحوّل من فلسفةٍ نشأت أساسًا في أوروبا، في القرن السّابع عشر(عصر التنوير)، لمحاربة الدّكتاتوريّة والتّسلّط الكنسيّ، إلى عباءةٍ فكريّة للتّيّارات اللّيبراليّة الجديدة، أو ما يُسمّى بالنيوليبراليّة الّتي تستغلّ معنى الحريّة وتشوّهه؛ بل وتستخدم القمع لتحقيق أهدافها. والسّؤال المطروح هنا هو حول مدى تطبيق هذه الحريّة في الغرب؛ خاصّة الحريّة الفكريّة، وحريّة التّعبير عن الرّأي بما يخالف الأجندة المتّبعة؟
الخلفيّة الفلسفيّة للنيوليبراليّة
مما لا شكّ فيه، أنّ للفلسفة اللّيبرالية بوجهٍ عام، والاقتصاديّة بوجهٍ خاصّ، خصائص عديدة أسهمت في تحرير المجتمع الأوروبيّ وانطلاق الثّورة الصّناعيّة الّتي نتج عنها فوائد كثيرة للبشريّة. ولعلّ أبرزها التّطوّر العلميّ الّذي نشهده اليوم. فلا يمكن اختزال اللّيبرالية بما نراه من تشويه اللّيبراليين الجدد للقيم الإنسانيّة. فهي، وكونها فلسفةً، لها أوجه عدّة: اجتماعيّة، اقتصاديّة، وسياسيّة. ومن المهمّ الفصل بينها – بغضّ النّظر عن الإشكاليّات الّتي تُطرح حولها- وبين ما يدعو إليه اللّيبراليّون الجدد في أميركا وأوروبا من اتّباع ثقافة اليقظة (woke culture) الّتي تهدف إلى: تحقيق الحريّة الفرديّة المطلقة كما يزعمون، المساواة السّلبيّة بين الجنسين والتّرويج للمثليّة وهويّة الجنوسة، كلّ ذلك تحت راية الحريّة اللّيبراليّة.
لقد أصبح مصطلح” ووك” (woke) منارةً للحرب الثّقافيّة الّتي غالبًا ما يُشار إليها في مجتمعاتنا بالحرب النّاعمة، والّتي يُسوّق لها على أنّها حربٌ يقودها الغرب، في حين أنّها حربٌ ثقافيّةٌ، هدفها تفكيك المجتمعات المتديّنة عامّة، والإسلاميّة خاصّة. وهي في الواقع، لا تستهدف مجتمعًا معيّنًا من دون آخر؛ لذلك؛ يجب الفصل بين السّعي إلى نشر تلك الثّقافة عالميًّا، من ناحية، وبين استهداف مجتمعٍ معيّن ومحاربته بشكل مباشر، من ناحية أخرى. ولا يمكننا تعميم مقولة “إنّ الغرب كلّه مؤيّدٌ لهذه الحملات”، فالمجتمع الغربيّ هو أيضًا ضحيّة، وهذا ما يفسّر صعود التّيّارات اليمينيّة المناهضة لهذه الثّقافة في أوروبا، والانقسام الحادّ الحاصل في المجتمع الأميركيّ، بين تيّارٍ يمينيٍّ محافظٍ، وتيّارٍ يساريٍّ ليبراليّ.
من المهمّ ، قبل الشّروع في أيّ مواجهةٍ فكريّةٍ تحديد الجبهة المقابِلة، وتبيّن هويّتها والشّريحة المستهدفة. فنحن نرى التّسويق في تخصيص المسلمين على أنّهم المستهدفون في هذه الحرب حصريًّا، مضرًّا جدًّا؛ لأنّه يضع الشّباب أمام خطابٍ منفصلٍ عن الواقع، وهم يرون بنحو جليّ، من خلال وسائل التّواصل الاجتماعيّ والأفلام الغربيّة، أنّ ثقافة اليقظة يُسوّق لها في جميع المجتمعات، لا سيّما الغربيّة، وأنّ كثيرًا من المفكّرين، وحتّى السّياسيّين الغربيّين، يحاولون محاربة هذا المسخ الثّقافيّ.
أمّا في ما يخصّ اللّيبرالية بوصفها فلسفةً؛ فلا داعي لبسط التّعريفات حولها، وتفصيل أنواعها ومسمّياتها العديدة؛ لأنّها مجرّد عباءةٍ فكريّةٍ، يستخدمها أصحاب ثقافة اليقظة لنشر الشّذوذ من خلال مشتركات يُبنى عليها، أهمّها، الحريّة الفرديّة بمعانيها كلّها، كما في بيان أوكسفورد للّيبراليّة العام ١٩٤٧، الّذي طُوِّرَ بعد ٥٠ سنة في بيان أوكسفورد العام ١٩٩٧.
التيارات المسيطرة لقمع الآراء المخالفة
فالجبهة المقابلة إذًا، هي تيّار الـ ” ووكيسم”(wokism )، وهو يعني اصطلاحًا: “اليقظة”، وقد بدأ استخدامه للدّلالة على ملاحظة التّمييز العنصريّ ضد الأميركييّن السّود، ثمَّ ضُمَّ إليه التّمييز الجنسيّ. وقد شاع هذا المصطلح بكثرة من حركة ” بلاك لايفز ماتر” (Black Lives Matter) بعد العام٢٠١٠، لتتّسع دائرته فيما بعد، وتشمل أنواع التمييز كلّها: العرقيّ والجنسيّ، وتدعم قضايا المثليّة ” ال جي بي تي كيو بلاس” (LGBTQ+)”، وقضايا المرأة، المساواة والجنوسة، بالإضافة إلى التغيّر المناخيّ، ليصل- تحت مظلّة الحرّيّة الفرديّة- إلى التّهجم على الأديان والمعتقدات ومبادئ الإنسانيّة.
ليس الغرب هو من يقف وراء هذه الحملات، بل الشّركات والبنوك الاستثماريّة الضّخمة في أميركا، لا سيّما تلك الّتي تملك أسهمًا كبيرةً في أغلب الشّركات العالميّة التّكنولوجيّة، أو ما يسمّى بالـ ” Big-Tech“،” أبل، ميكروسوفت، فيسبوك، أمازون”( Apple, Microsoft, Facebook, Amazon, Alphabet-Google) وفي أغلب شركات الإنتاج التلفزيونيّ والسينمائيّ في هوليوود ومنها شركة” ديزني” (Disney) المالكة لشركة” بيكسار” (Pixar) المُنتِجة لفيلم ” لايت يير” (light year) -الّذي مُنع عرضه في بلدان عديدة، لكونه فيلمًا للصّغار يحتوي على قبلة بين رجلين- وأغلب القنوات الإخباريّة العالميّة. إذ إنّ الحريّة هي الشّعار البرّاق الّذي يُسْتغلّ لجذب الشّباب وإقناعهم بأفكار ملتويةٍ بعيدةٍ البعد كلّه عن الطّبيعة الإنسانيّة. وبما أنّ الإنسان يميل إلى تلبية شهواته كلّها من دون رادع، فإنّه من السّهل نسبيًّا، دفعه إلى إشباع رغباته عبر شرعنتها، ووضعها ضمن مسار تحقيق الحريّة والتّطوّر البشريّ.
دعونا إذًا، نلقي نظرةً سريعةً؛ لنتحقّق من تطبيق هؤلاء لأهمّ شعار يرفعونه، وهو الحرّيّة في بلادهم قبل بلادنا. فهل يمكن لأيّ فرد فعلًا في أميركا، وهي الدّولة الرّائدة في تصدير هذا الفكر، إبداء رأيه بحريّةٍ إذا ما كان مخالفًا للبروباغندا؟ أم يُقصى كلّ من يخالف الخطاب العام؟
إنّ أغلب وسائل الإعلام الغربيّة- أي العالميّة- مملوكةٌ من التّيار اليساريّ. ففي أميركا، على سبيل المثال، تملك ستّ شركات فقط ٩٠% من وسائل الإعلام المعروفة بـ “ذا بيج 6” (The Big 6) (١)
ويمكن لأيّ شخص إجراء بحث بسيط، ليكتشف أنّ أكثر الإعلام المؤثّر في الغرب تابعٌ للتيّار اليساريّ باستثناء ” فوكس نيوز” (FOX NEWS). وهذا ما يفسّر هجوم رئيس الولايات المتّحدة الأسبق” دونالد ترامب” (Donald Trump) المتكرّر على وسائل الإعلام؛ لأنّه من المحافظين. ولا يتوقّف الأمر هنا، بل يستمرّ لينطبق على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، وصناعة الأفلام في” هوليوود” (Hollywood) ؛ إذ تُستعمل أساليب التّلاعب السيكولوجيّ كلّها للتّأثير على الرّأي العام.
وفي هذا السّياق، لم يعد خفيًّا على أحد كيفيّة ظهور هذه البروباغندا منذ سنوات، عبر الأفلام الهوليووديّة والأغاني الأمريكيّة، خاصّةً بعدما أصبحت شركة” نتفلكس” (Netflix) في البيوت جميعها. لكنّ اللّافت في السّنوات الأخيرة، خاصّة بعد أزمة كورونا، هو تحوّل وسائل التّواصل الاجتماعيّ أو الـ” بيج تيتش” (Big Tech) من مساحة للتّعبير عن الرّأي، إلى أداةٍ لنشر ثقافة الـ ” ووك” (woke) وقمع أيّ رأي آخر. فبعد هذه الأزمة، ازداد عدد مستخدمي هذه الوسائل بكثرة، والسّبب هو الحجر الصّحيّ الّذي فُرِض في أغلب بلدان العالم. وبدأت معالم نظامٍ قمعيٍّ عالميٍّ جديد تلوح في الأفق مع بداية الجائحة؛ إذ فوجىء كثير من المراقبين والمحلّلين الغربيّين بمدى شموليّة هذه الوسائل، وشدّة تطبيقها للرّقابة، وحذفها كلّ من ينشر أيّ معلومةٍ مخالفةٍ للخطاب العامّ المتعلّق بكوفيد-١٩.
فمثلًا، بعد استضافة” جوي روجان” (Joe Rogan) الدّكتور” روبرت مالون” (Robert Malone) الّذي كان ضمن الفريق الّذي اكتشف تكنولوجيا الـ” إم آر إن أي” (MRNA) المُستخدمة في تصنيع لقاحات كورونا، شُنَّتْ حملة هجومٍ على البرنامج الحواريّ بشكلٍ شرسٍ، وأُلغيت المقابلة عن منصّة” يوتيوب” (YouTube)؛ لأنّه صرّح بوجهة نظرٍ مخالفةٍ للخطاب العامّ الرّسميّ في ما يتعلّق باللّقاحات، علمًا بأنّه الـ ” بودكاست” (Podcast)، الأوّل عالميًّا من حيث نسبة المشاهدة الّتي فاقت الخمسين مليون مشاهدة، حاله حال الكثير من الاختصاصيّين الّذين ألغيت مقابلاتهم، وفيديوهاتهم، لمجرّد طرحهم أسئلةً تتعلّق بفعاليّة هذه اللّقاحات، أو فعاليّة الحجر الّذي كان بالفعل يدرّ أرباحًا بمئات مليارات الدّولارات على هذه الشّركات.
نعم، لقد كان المسوّغ، يومها، هو الحماية والوقاية من انتشار الوباء، وامتدّت هذه الممارسات لتشمل كلّ من ينتقد اللّقاحات، حتّى من الاختصاصيّين والأكاديميّين، لنجد أنفسنا اليوم، أمام نظامٍ قمعيٍّ بكلّ ما للكلمة من معنى. وقد انتشر نظام الرّقابة تحت عنوان قوانين حماية المستهلك، لتطال المواضيع السياسيّة والاجتماعيّة، لا سيّما تلك المتعلّقة بالنّسويّة والشّاذين والجنوسة والتّحوّل الجنسيّ، أو ما يعرف بالـ” إل جي بي تي كيو بلاس” (LGBTQ+). في الواقع، كان من السّهل توقّع هذا؛ لأنّه مسار أيّ تكنولوجيا في التّاريخ، من لحظة اكتشافها حتّى استعمالها كسلاح.
واقع جديد
وها نحن اليوم، قد أصبحنا أمام واقعٍ جديدٍ من الاستبداد التّكنولوجيّ لمصلحة التّيّار اليساريّ العالميّ. فما بدأ أداة لتحرير العالم، تحوّل إلى أداةٍ للقمع، ونشر الشّذوذ بأنواعه كلّها، ثمّ تدمير الهويّة الفرديّة والعائليّة. كذلك، يُلغى؛ بل يعاقَبُ أيّ شخصٍ يتجرّأ على انتقاد ثقافة الـ ” ووك” (woke) ، أو ينشر مقالًا، يشرح فيه كيف تُدمّر الثّقافة المجتمع. وهذه حال كثيرين من الاختصاصيّين والأكاديميّين الّذين حاولوا أن يشرحوا للرّأي العام كيف ستنتهي هذه الثّقافة بتدمير المجتمع الغربيّ، وهو ما بدأ يتحقّق.
إنّ الأمثلة كثيرة، لكن سوف نكتفي بالقليل منها، كما يمكن لأيّ شخص التّحقّق والبحث.
- كان لدى الأستاذ الجامعيّ الكنديّ والباحث في مجال علم النّفس “جوردن بيترسون” (Jordan Peterson)، ملايين المتابعين. لكنّهم أقفلوا حسابه على تويتر، في تاريخ ٢٩/٠٦/٢٠٢٢م، بعد نشره تغريدة عن التّحوّل الجنسيّ، واتُّهم بأنّه ينشر خطاب الكراهيّة (2)، وكذلك انتهت حياته المهنيّة في التّدريس الجامعيّ، حتّى إنّ تلاميذه مهدّدون بعدم توظيفهم.
- النّاشطة النّروجيّة “كريستينا إلينجسن” (Christina Ellingsen) الّتي لم يقتصر الأمر على حظرها؛ بل تُواجه تهمةً عقوبتُها السّجن مدّة ثلاث سنوات؛ لأنّها لا تعتقد أنّه من الممكن للرّجال المتحوّلين جنسيًّا – أي الرّجال الّذين أصبحوا نساء- أن يكونوا شاذّين (Lesbian) (3).
- · في تاريخ ٠٧/١٠/٢٠٢٢م، داهمت الشّرطة البريطانيّة منزل أمّ لخمسة أولاد في حضورهم، وصادرت حاسوبها وبعض ممتلكاتها، وحُظِرتْ، كما واجهتْ تهمًا تؤدّي إلى السّجن مدّة عامين. وكلّ ذلك؛ لأنّها نشرت تغريدة تتعلّق بالمتحوّلين الجنسيّين.(4)
https://www.thesun.co.uk/news/20012374/moment-police-swoop-on-mum-arrest/ (4)
- في تاريخ ١٠/١٠/٢٠٢٢م، قرّرت شركة” بايبال” (Paypal)، وهي أوّل وأكبر شركة في العالم، في مجال الخدمات الماليّة عبر الإنترنت، تغريم أيّ شخص ينشر “معلومات مضلّلة” (misinformation) بغرامة تصل إلى ٢٥٠٠ دولار أميركيّ، من دون تحديد أو تعريف ماهيّة المعلومات المضلّلة؛ ليتوضّح أنّها تشمل مواضيع سياسيّة عدّة تُهاجم التيّار اليساريّ، واجتماعيّة تُهاجم سياسات الوباء والشّاذّين.(5)
https://fortune.com/2022/10/10/paypal-users-fine-misinformation-aup-error-confusion/ (5)
- في دليل صريح وواضح، غرَّد المالك الجديد لتطبيق” تويتر”، ” إلون ماسك” (Elon Musk) في تاريخ ٢٨/١١/٢٠٢٢م ، أنّه عثر على ملفّات ووثائق هائلة في أرشيف الشّركة، توضّح كيفيّة استغلال المنصّة، بهدف تمرير أجندة اليقظة، وقمع كلّ من يحاول المواجهة عبر حظره من التّطبيق.(6)
إنّ هذا القمع لم يعد خفيًّا على المراقبين، وخاصّة في الغرب. فقبل إعلان” إلون ماسك” (Elon Musk) عن مقترحِ شراءِ شركة تويتر، أجرى تصويتًا حول حرّيّة التّعبير على تويتر؛ كونها أهمّ منصّة للتّعبير عن الآراء في العالم. وقد جاءت النّتيجة أنّ ٧٠.٤%، لا يعتقدون أنّ معايير حرّيّة التّعبير موجودة أصلًا. وهذا القمع كلّه، إنّما هو لمصلحة البروباغندا اليساريّة؛ فعندما نجح اليساريّون في إلغاء رئيس أقوى دولة في العالم من جميع منصّات التّواصل الاجتماعيّ، بعد حادثة ٦ كانون الثّاني، تيقّن العالم من قوّة هذه المواقع وسطوتها، وشدّة تحكّم اليساريّين بها.
إنّ الرّقابة لا تتوقّف هنا؛ بل تمتدّ إلى محرّك البحث” غوغل” (Google)، حيث يتحكّم بنتائج البحث بما يخدم هذه الأجندة، وبدا ذلك واضحًا بعد فضح قضيّة” هانتر بيدن” (Hunter Biden)، ابن الرّئيس الأمريكيّ الحاليّ، إذ حجب المحرّك نتائج البحث المتعلّقة بفضيحته، للتّأثير في نتائج الانتخابات الأمريكيّة الّتي جرت أواخر العام ٢٠٢١. وفي تصريح لافت، تقول الأمينة العامّة للتّواصل العالميّ في الأمم المتّحدة” مليسا فلامنغ” (Melissa Fleming)، إنّ اللّوبي العالميّ يتعاون مع الـ” بيج تيك” (Big Tech) مثل” غوغل” (Google) للتحكّم بنتائج البحث في المحرّك لدعم أهدافه، وجعل السّرد العام موافقًا على أجندة الأمم المتّحدة، وقمع البيانات التي تتعارض وسردهم في ما يتعلّق بقضيّة المناخ خاصّة. (7)
الأمثلة كثيرة، وما يمكن أن نستنتجه بوضوح هو: انعدام حرّيّة التّعبير للّرأي في الغرب، بشكل شبه تامّ، والقوّة الهائلة الّتي تملكها شركات الـ” بيج تيتش” (Big Tech). لقد أدمنوا استعمال هذه القوّة لقمع حرّيّة التّعبير، بما يخالف الـ” ماين ستريم ميديا” (Mainstream Media)، وخاصّة تلك المتعلّقة بثقافة الـ” ووك” (Woke).
إنّ المشهد مختلف إذًا بين شريحةٍ من المجتمع ترى نفسها مظلومة؛ لأنّها لا تستطيع التّعبير عن رأيها وبحريّة، وترى أنّ رفض الشّذوذ بأنواعه كلّها، قرارٌ فرديٌّ يجب احترامه لتتجلّى الحريّة في المجتمع، وبين حملةٍ عالميّةٍ يقودها التيّار اليساريّ والـ” جلوباليست” (Globalists) مع شركات عالميّة ضخمة تستولي على معظم الإعلام العالميّ، لفرض واقعٍ جديدٍ شاذٍّ، ومحاربة كلّ من يتجرّأ على مخالفة ما يسمّى بالخطاب العامّ وإلغائه.
فلا تُسمَّى حريّة تلك الّتي تدعم فقط الحريّة في إبداء رأيٍ موافقٍ لأجندة معيّنة، وتُوصد الأبواب أمام من يخالف ثقافة اليقظة؛ بل تُسمّى قمعًا، إلغاءً وإقصاء، لدرجة أنّه يوجد اليوم مجموعةٌ من الأفكار والأسئلة لا يُسمح بمناقشتها؛ بل لا يُسمح بطرحها. لقد وصلنا إلى مرحلةٍ أصبح فيها السّؤال عن مواضيع معيّنة، أغلبها مرتبط بالمثليّة والهويّة الجنسيّة، غير مقبول، ما يدلّ على أنّنا بتنا نعيش في ظلّ نظام استبداديّ قمعيّ عالميّ، يُراد لنا فيه أن نعيش ضمن رؤية معيّنة، وفكر محدّد لهندسة ما نراه، ما نسمعه، وما نفكّر فيه. وما هذا إلّا نوع جديد من الاستبداد والسّلطويّة لم يشهده العالم من قبل، حتّى في زمن أشدّ الدّكتاتوريّات عتيًّا، ما يوجب على كلّ مفكّر، البحث عن الأهداف الحقيقيّة وراء هذه الحملات؛ لأنّها حتمًا، وكما هو واضح، لا علاقة لها بالحريّة.
استهداف الأبويّة ونهاية النّظام الأُسريّ
نحن نشهد، اليوم، تحوّلاتٍ جذريّة في تركيب النّظام الأُسريّ بشكل خاصّ. فقد ظهرت اتّجاهات نس…
نعم تلك الممارسة الطبيعة لاختطاف الاسم و تفريغ من المضمون و ممارسسة جميع انواع الاحتيال و التسلط تحت العنوان الاسم و أعني بذلك الإسلام المحمدي الشريف. و لم يكتفوا بعد. بل انهم ياخذون من القرآن الشريف المعاني السطحية و بدون في وسائل اعلامهم المعاني المغلوطة عن القرآن و الأمثلة كثيرة و قد تتجلى بممارسة “داعش” ان مواجهة هكذا نمط من الأحواز على القيم يجعلنا نفتش عن مكان القوة الاعلامية حتى نسلط الضؤ عليها و نمنع اغتصاب الوعي ع
شكرا لمروركم المبارك، تحية طيبة لكم وجعلنا الله وإياكم من الموفّقين لنشر الوعي السليم