كيفيّة مقاربة موضوع الحضانة الشّرعيّة في الصّحافة اللّبنانيّة – النّهار والأخبار نموذجًا
د. حاتم الزّين(*)
تنطلق هذه الورقة من الإشكاليّة الّتي تحتاج إلى بحثٍ لمعالجتها، وتتمحور حول كيفيّة مقاربة موضوع الحضانة الشّرعيّة في الصّحافة اللّبنانيّة؛ بمعنى آخر ماهيّة الزّوايا الّتي سلّطت عليها الصّحافة اللّبنانيّة الضّوء في تغطيتها، ومدى موضوعيّتها.
وبناءً على هذه الإشكاليّة، تقوم هذه الورقة البحثيّة بتحليل خطاب الصّحافة اللّبنانيّة المتعلّق بالحضانة الشّرعية، وتحديدًا في جريدتيّ النّهار والأخبار. وإذ تهدف هذه الورقة إلى تحليل خطاب الصّحافة اللّبنانيّة المتعلّق بموضوع الحضانة الشّرعية تحديدًا في الصّحيفتين المذكورتين، فإنّ السّؤال المتساوق مع هذا الهدف: ما هي أبعاد الخطاب الصّحافيّ المتعلّق بموضوع الحضانة في جريدتيّ النّهار والأخبار؟
ومع أنّ هذه الورقة اختارت عيّنات من جريدتين، إلّا أنّها لم تهدف إلى إجراء دراسة مقارنة بينهما؛ لا بل تهدف إلى اختيارهما كنموذجين معًا، تناولا موضوع الحضانة، في لبنان عمومًا، وعند اللّبنانيّين المسلمين الشّيعة خصوصًا.
غياب الدّراسات السّابقة وإشكاليّة المصطلح
تبدو الدّراسات المتعلّقة بتناول الصّحافة اللّبنانيّة لموضوع الحضانة معدومة. وربما يعود السّبب في ذلك إلى حداثة الإثارة الإعلاميّة لموضوع الحضانة الشرعيّة في العقد الأخير، وإلى طفرة وسائل التّواصل الاجتماعيّ الّتي ساهمت بدورها في نقل ما يثار في شأن قضيّة الحضانة، أصالة أو وكالة. وقبل الإشارة إلى المنهجيّة الّتي ستعتمدها هذه الورقة، فإنّه من المهمّ تبيان معنى الحضانة لغة واصطلاحًا، خصوصاً أنّ مفردة الحضانة لم ترد في القرآن الكريم.
في البحث عن المعنى اللّغوي للحضانة، فإنّ قواميس اللّغة العربيّة أجمعت تقريبًا على معنى شبه موحّد. ولضيق المساحة، فإنّه من المفيد تقديم بعض ما أورده ابن منظور في قاموسه “لسان العرب” من أنّ “الحَضانة: مصدرُ الحاضِنِ والحاضنة. والمَحاضنُ: المواضعُ التي تَحْضُن فيها الحمامة على بيضها، والواحدُ مِحْضَن. وحضَنَ الصّبيَّ، يَحْضُنه حَضْناً: ربَّاه. والحاضِنُ والحاضِنةُ: المُوَكَّلانِ بالصّبيِّ يَحْفَظانِهِ ويُرَبِّيانه. وفي حديث عروة بن الزّبير: عَجِبْتُ لقومٍ طلَبُوا العلم حتّى إذا نالوا منه صاروا حُضّانًا لأَبْناء المُلوكِ؛ أَي مُرَبِّينَ وكافِلينَ، وحُضّانٌ: جمعُ حاضِنٍ، لأَنَّ المُرَبِّي والكافِلَ يَضُمُّ الطِّفْلَ إلى حِضْنِه، وبه سمّيت الحاضنةُ، وهي الّتي تُرَبِّي الطفلَ”([1]).
بناءً على ما ورد أعلاه من المعنى اللّغويّ، وما يمكن أن يُستشفّ من القرآن الكريم، خصوصًا من الآيات البيّنات ﴿آوى إِلَيْهِ أَخَاهُ﴾([2])، و﴿آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾([3])، و﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ﴾([4]) ﴿فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾([5])، يمكن أن تعتبر الحضانة عاطفة جيّاشة من الأبوين، أو أحدهما، تختزن معنى الإيواء والعيش معًا. ففي حالة الرّدّ، في ﴿فَارْتَدَّ بَصِيرًا﴾، تكون لحظة اللّقاء الأوّل بعد الفقد، كما في حالة النّبيّ يعقوب عليه السلام، أو الخوف من الفقد، كما في حالة أمّ النّبيّ موسى عليه السّلام في ﴿فَرَدَدْنَاهُ إلى أُمِّهِ﴾. صحيح أنّه في حالة النّبيّ يعقوب وولده النّبيّ يوسف عليهما السلام أنّ الّذي ارتدّ هو البصر، لكنّه في الواقع لحظة اللّقاء الأوّل مع المفقود، وإن كان القميص الّذي جُبل بريح يوسف. ولذلك، فإنّ نبيّ الله يوسف عليه السلام آوى إليه أباه بعد أن كان قد آوى أخاه.
ومن هنا، فإنّ الحضانة تختزن معنى الإيواء، وبالتّالي الرّعاية والاهتمام، وتتضمّن التّربية، ولا تعني على الإطلاق أنّ ثمّة ولدًا مفقودًا استعاده الأب من طليقته، أو استعادته الأمّ من طليقها. وما يعزّز هذا المعنى قول الله عزّ وجلّ لنبيّه المصطفى محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم) ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾([6])؛ ذلك أنّ الرّسول الكريم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، كما هو معلوم في السّيرة النّبويّة([7])، ولد بعد وفاة أبيه وتولّى رعايته جدّه عبد المطّلب بعد موت أمّه، ومن ثمّ كفله عمّه أبو طالب بعد وفاة جدّه.
أمّا اصطلاحًا، فالحضانة تعني، بمفهومها الشّرعيّ الخاصّ، حقّ أحد الأبوَين بأن يعيش الولد في كنفه بعد وقوع الطّلاق لفترة زمنيّة محدّدة، أو مفتوحة بناءً على شرائط محدّدة. ولذلك، فإنّ الحضانة “حقّ، يقتضي أولويّة شخص بعينه بأن يتواجد الولد عنده، ويكون معه وفي (حضنه)، ليدبّره في أموره العاديّة، من طعامه ولباسه ونومه ودفع الأذى عنه، ونحو ذلك من الأمور الّتي ترجع إلى (شخصه) بخاصّة”([8]).
و”تختلف الآراء الفقهيّة في سنّ الحضانة، بين من يذهب إلى أنّها للأمّ لمدّة سنتين لكلٍّ من الصّبي والبنت، وبعدها تكون للأب؛ ورأي آخر أنّها للأمّ لمدّة سنتين للصّبي، وسبع سنوات للبنت، وبعدها تكون للأب؛ ورأي ثالث أنّها للأمّ لمدّة سبع سنوات لكلٍّ من الصّبي والبنت، وبعدها تكون للأب. وتوجد آراء أخرى مختلفة في الموضوع. […]. إنّ ما هو معمول به لدى المحاكم الجعفريّة [في لبنان] هو سنتان للصّبيّ، وسبع سنوات للبنت، وهو الرّأي المشهور لدى مجمل فقهاء المسلمين الشّيعة… [و]تنتهي مرحلة الحضانة ببلوغ الولد رشيدًا، حيث يمكن أن يُخيّر عندما يبلغ تسع سنوات هلاليّة إذا كان بنتًا، وخمس عشرة سنة هلاليّة إذا كان صبيًّا، فيما لو تبيّن رشده، فيختار عندها مع من يكون من والديه، أو مع غيرهما”([9]).
وبعد مراجعة المعنيَيْن؛ اللّغويّ والاصطلاحيّ لكلمة حضانة([10])، تدعو هذه الورقة إلى مراجعة هذه المفردة المستخدمة، والتّفتيش عن مفهوم إنسانيّ تختزله كلمة أخرى كالإيواء الّتي تختزن معنى الرّعاية والعناية والمودّة. إنّ مفردة الحضانة، ببعدها اللّغويّ، هي صفة يشترك فيها الإنسان مع الحيوان. “وحَضَنَ الطّائرُ أَيضًا بَيْضَه، وعلى بيضِه، يَحْضُنُ حَضْنًا وحِضانةً وحِضانًا وحُضونًا: رَجَنَ عليه للتَّفْرِيخِ؛ قال الجوهريّ: حَضَنَ الطائرُ بَيْضَه إذا ضَمَّه إلى نفسه تحت جناحيه، وكذلك المرأَة إذا حَضَنَتْ ولدها”([11]).
المنهجيّة
تستند منهجيّة هذه الورقة البحثيّة إلى إستراتيجيّة البحث النّوعيّ، وتصميم دراسة الحالة، باتّخاذها جريدتيّ النّهار والأخبار كنموذجَيْن للتّغطية الصّحافيّة لقضيّة الحضانة، مع التّركيز على المقالات المتعلّقة بالحضانة عند المسلمين الشّيعة في لبنان. لذلك، فإنّ الإستراتيجيّة المعتمدة تتوخّى تقديم المعنى، لا تعميم ما توصّلت إليه من نتائج على باقي مخرجات الصّحف اللّبنانيّة المتعلّقة بقضيّة الحضانة([12]).
بناءً عليه، فإنّ المقاربة المعتمدة ضمن إستراتيجيّة البحث النّوعيّ هي تحليل الخطاب. والخطاب، حسب أحد تعريفاته، هو المخرجات المعبّرة عن موضوع محدّد والّتي تشكّل حقلًا معرفيًّا فيه([13]). ولتحليل الخطاب الإعلاميّ آليّات تتلاءم مع طبيعته، ومع قدرات الباحث التّحليليّة، خصوصًا أنّ مقاربات منظوريّ تحليل الخطاب مختلفة.
وتستند هذه الورقة إلى ما أورده نورمان فيركلوف عن الخطوات الثّلاث المتسلسلة لتحليل الخطاب من الوصف، ثمّ التّفسير، ثمّ التّحليل([14]). وهذا يتلاءم مع ما كان قد طرحه المؤلّف ذاته([15]) من أنّ تحليل الخطاب يشمل تحليل التّركيب الكلّيّ (Macrostructure)، والتّركيب البسيط له (Microstructure) بما يتساوق مع وصفه وتفسيره وشرحه.
العيّنات المختارة
لقد تمّ اختيار سبع مقالات من جريدة النّهار اللّبنانيّة. وتنقسم هذه المخرجات على النّحو الآتي: خبر، مقالة في صفحة فنّ ومشاهير، مقالة في صفحة مجتمع ومناطق، مقالة في ملحق حرّر فكرك، مقالة رأي لباحثة في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركيّة في بيروت استندت في مقالتها إلى دراسة كانت قد أجرتها مع زميلة لها عن الحضانة، مقالة رأي لرئيسة الحملة الوطنيّة لرفع سنّ الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة (PLW)، مقالة رأي لمديرة منظّمة “كفى عنف واستغلال”، مقالة رأي من مؤسّسة السّيّد محمّد حسين فضل الله.
وتمَّ اختيار سبع مقالات من جريدة الأخبار اللّبنانيّة (بينها مقالتان عن الحضانة تضمّنها ملفّ واحد في صفحة مجتمع بمناسبة يوم المرأة العالميّ). وتنقسم هذه المخرجات على النّحو الآتي: مقالتا رأي لرَجليّ دين مسلمين شيعيّيْن، مقالة وجهة نظر في صفحة سياسة، مقالة في صفحة آداب وفنون، وباقي المقالات في صفحة مجتمع.
الوصف
يساهم توصيف العيّنات المختارة في تقديم المعنى الأوّل للخطاب. ولهذه الغاية، قامت هذه الورقة بوضع جدول توصيفيّ للعيّنات المختارة في كلّ جريدة، بالإضافة إلى رسم توضيحيّ لتركّز المفردات فيها.
ويظهر الجدول (1) التالي كلّ ما يتعلّق بالعيّنات الّتي تمّ اختيارها من جريدة النهار، وهذا يشكّل تمهيدًا للتّفسير والتّحليل.
الجدول (1) جريدة النّهار |
اسم المؤلّف | 1- فاطمة الموسوي | ||
عنوان المقالة | عفواً أيّها القانون! هل تخترق الحركة النسائيّة في لبنان “حضانة” المؤسّسة الدّينيّة؟ | ||
التاريخ | 11/10/2019 | عدد الكلمات | 1068 |
نوع وطبيعة المقالة | مقال رأي لباحثة في مركز عصام فارس. مناسبة المقال هو وفاة “نادين جوني، النّاشطة اللّبنانيّة الّتي قضت السّنوات الماضية من حياتها مُنخرطة في معركة مطوّلة مع المحكمة الشّرعيّة الجعفريّة دفاعًا عن حقِّها وحقّ نساء أخريات في الحصول على شروط حضانة أفضل”، ومن ثمّ التّطرق إلى “التّمييز” الدّينيّ المتعلّق بسنّ الحضانة بين الرّجل والمرأة، وصعوبة إحداث تغيير يؤدّي إلى تعديل سنّ الحضانة عند “الطّائفة الشّيعيّة”. |
اسم المؤلّف | 2- زينة إبراهيم | ||
عنوان المقالة | حضانتي حقّي… التّغيير آتٍ وهذا وعد | ||
التاريخ | 16/07/2019 | عدد الكلمات | 394 |
نوع وطبيعة المقالة | مقال رأي لرئيسة الحملة الوطنيّة لرفع سنّ الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة. مناسبة المقال هو أنّه يأتي بعد ستّ سنوات على إطلاق الحملة الّتي “استطاعت أن توصل قضيّة كلّ أمّ إلى جميع وسائل الإعلام اللّبنانيّة والعربيّة والعالميّة، واستطاعت الحصول على تأييد الكثير من رجال الدّين المشهود لهم، ولعلمهم، في المجتمع الشّيعيّ، واستطاعت كسر حاجز الخوف من كلّ ما هو متعلّق برجال الدّين لدى الكثير من النساء”. | ||
الجدول (1) جريدة النّهار |
اسم المؤلّف | 3- لا يوجد | ||
عنوان المقالة | نادين جابر نقلت الواقع… وأنجو ريحان تنتفض على قانون الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة | ||
التاريخ | 16/09/2021 | عدد الكلمات | 16/09/2021 |
نوع وطبيعة المقالة | خبر في صفحة فنون ومشاهير عن مسلسل تلفزيونيّ تناول موضوع الحضانة. |
اسم المؤلّف | 4- جودي الأسمر | ||
عنوان المقالة | عن أمّهات ظُلمنَ في المحاكم الدّينيّة… القانون المدنيّ للأحوال الشخصيّة في لبنان “ضرورة وليس خياراً” | ||
التاريخ | 25/11/2021 | عدد الكلمات | 1383 |
نوع وطبيعة المقالة | تقرير في صفحة مجتمع ومناطق بمناسبة اليوم العالميّ لمناهضة العنف ضدّ المرأة، تناول موضوع الحضانة في “المحاكم الدّينيّة” بما في ذلك المحكمة الجعفريّة، ذلك أنّ “آلاف الأطفال والأمّهات اللّبنانيّين محرومين من حقّهم في الحضانة والأمومة”. كما تضمّن مقابلة مع مؤسّسة لمنظّمة اقترحت قانونًا مدنيًّا موحّدًا للأحوال الشّخصيّة من 157 مادّة. |
اسم المؤلّف | 5- فاتن بو حمدان | ||
عنوان المقالة | ما بين الغيبوبة وحضانة أمّ | ||
التاريخ | 07/01/2021 | عدد الكلمات | 730 |
نوع وطبيعة المقالة | مقال في صفحة حرّر فكرك، عن حالة أمّ كانت في غيبوبة، وفقدت حضانة طفلها، فيما “والد الطفل مقيم في الخارج بعيدًا عن طفله”. |
اسم المؤلّف | 6- محمّد عبد الله فضل الله | ||
عنوان المقالة | حقّ الحضانة… لماذا كلّ هذه التّعمية؟ | ||
التاريخ | 15/03/2017 | عدد الكلمات | 593 |
نوع وطبيعة المقالة | مقال رأي لكاتب مؤسّسة السّيّد محمّد حسين فضل الله علّق فيه على حكم أحد قضاة الأمور المُستعجلة “بإلزام طليق المُستدعية.. تسليم ابنهما.. لرؤية أمّه مرّة أسبوعيًّا”، داعيًا إلى “النّظر في قضايا الحضانة بجدّيّة وحكمة”، خصوصًا أنّ ثمّة فتاوى عند بعض الفقهاء الشّيعة تعطي الأمّ المطلّقة حقّ حضانة الولد أو البنت حتّى عمر سبع سنوات. |
الجدول (1) جريدة النّهار |
اسم المؤلّف | 7- لا يوجد | ||
عنوان المقالة | اعتصام لرفع سنّ الحضانة عند الشّيعة: نعم للاجتهاد | ||
التاريخ | 05/10/2013 | عدد الكلمات | 172 |
نوع وطبيعة المقالة | خبر عن اعتصام “ناشطات وأمّهات بدعوة من مجموعة “حماية المرأة” بالقرب من المجلس الإسلاميّ الشّيعيّ الأعلى”.. “عبّرن عن اعتراضهنّ على ما صدر عن مستشار المحكمة الجعفريّة العليا”، والّذي “رأى في تحرّك المجموعة في ما يخصّ رفع سنّ الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة، مضيعة للوقت، إذ إنّ الأحكام الشرعيّة في هذا الموضوع واضحة، ولا يمكن تغييرها إلّا من خلال بحث فقهيّ يمكن أن يدوم لأجيال عديدة”. |
رسم توضيحيّ (1). ويُظهر تركّز المفردات الأساسيّة من العيّنات المختارة للتّحليل من جريدة النّهار.
ويظهر الجدول (2) أدناه كلّ ما يتعلّق بالعيّنات الّتي تمّ اختيارها من جريدة الأخبار. وهذا يشكّل تمهيدًا للتّفسير والتّحليل.
الجدول (2) جريدة النّهار |
اسم المؤلّف | 1- الشيخ محمّد شقير | ||
عنوان المقالة | الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة وآليّتها المؤسّسيّة: وجهة نظر | ||
التاريخ | 28/04/2021 | عدد الكلمات | 2163 |
نوع وطبيعة المقالة | مقال رأي لرجل دين وأستاذ جامعيّ. يهدف إلى تقديم وجهة نظر تتعلّق بالحضانة عند المسلمين الشّيعة في لبنان. أشار المقال إلى اختلاف الاجتهادات في الفقه الشّيعيّ، وما تعتمده المحاكم الجعفريّة في لبنان، أي أحكام المرجع السّيّد علي السّيستاني. وأشار أيضًا إلى مراحل الحضانة الثّلاث. وإذ لفت إلى ضرورة مأسسة الحضانة بشكل يعطي الأولويّة لمصلحة الطّفل، كما أنّه يمكن لهذه المؤسّسات ذات الصّلة أن تواكب عمل المحكمة الجعفريّة، وأن تقدّم توصياتها بهدف “ترشيد الحكم”، فإنّ المقال شدّد على ضرورة عدم مقاربة الحضانة بشكل جندريّ، أو للإثارة الإعلاميّة وتكوين رأي عام. |
الجدول (2) جريدة النّهار |
اسم المؤلّف | 2- الشّيخ يوسف سبيتي | ||
عنوان المقالة | رفع سنّ الحضانة: النّصوص صريحة والاجتهاد موجود | ||
التاريخ | 25/02/2013 | عدد الكلمات | 547 |
نوع وطبيعة المقالة | المقال هو لرجل دين، ردّ فيه على تقرير بعنوان “رفع سنّ الحضانة، لا تتفاءلوا بالاجتهاد المفتوح”؛ لأنه تضمّن استصراحات لعدد “من المشايخ” تضمّنت “جملة من الشّبهات والمغالطات”. |
اسم المؤلّف | 3- فيفيان عقيقي وهديل فرفور | ||
عنوان المقالة | قوانين الأحوال الشّخصيّة: استعباد المرأة باسم الدّين | ||
التاريخ | 08/03/2017 | عدد الكلمات | 1514 |
نوع وطبيعة المقالة | تمّ نشر التّقرير في صفحة آداب وفنون بمناسبة يوم المرأة العالميّ. لقد أشار التّقرير في البداية إلى عيّنة من ثلاث نساء لبنانيّات هنّ ضحايا قوانين الأحوال الشّخصيّة. وسلّط الضّوء على الحضانة عند الطّوائف في لبنان، والّتي رأى أنّ “قوانينها ظالمة”. |
الجدول (2) جريدة النّهار |
اسم المؤلّف | 4- هديل فرفور | ||
عنوان المقالة | خطوة ناقصة والتفاف على مطلب رفع سنّ الحضانة: “بلفة” الإصلاح في المحاكم الجعفريّة | ||
التاريخ | 01/08/2019 | عدد الكلمات | 1140 |
نوع وطبيعة المقالة | هذا المقال هو أحد مقالين تمّ نشرهما ضمن ملفّ في صفحة مجتمع بعنوان “المحاكم الجعفريّة: (بلفة) الإصلاح”. المقال ردّ على ما كان قد أعلنه رئيس المحاكم الجعفريّة في لبنان من أنّه “سيُصار إلى اعتماد دفتر شروط يطّلع عليه الزّوجان عند تسجيل زواجهما في المحكمة مأسسة، كما أنّه يحقّ للزّوجة “أن تشترط الحضانة لأولادها حتّى بلوغهم السنّ الشّرعيّة أو سنّ البلوغ”. وتضمّن التّقرير مقابلات، إحداها مع رئيسة حملة “رفع سنّ الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة”. |
اسم المؤلّف | 5- إيلده الغصين | ||
عنوان المقالة | ظلم المحاكم الدينيّة: “احذروا غضب النّساء” | ||
التاريخ | 01/08/2019 | عدد الكلمات | 499 |
نوع وطبيعة المقالة | خبر ضمن ملفّ في صفحة مجتمع بعنوان “المحاكم الجعفريّة: (بلفة) الإصلاح”. الخبر عن وقفة احتجاجيّة لعشرات النّساء “رفضًا لقوانين الأحوال الشّخصيّة الطّائفيّة التّمييزيّة”، بدعوة من التّجمع النّسائيّ الديّموقراطيّ اللّبنانيّ تحت عنوان “احذروا غضب النساء!”. |
الجدول (2) جريدة النّهار |
اسم المؤلّف | 6- هديل فرفور | ||
عنوان المقالة | المحكمة الجعفريّة: “تلاعبٌ” بسنّ الحضانة؟ | ||
التاريخ | 16/12/2020 | عدد الكلمات | 888 |
نوع وطبيعة المقالة | تقرير في صفحة مجتمع تضمن تعليقًا ومقابلات على حكم قاض في المحكمة الجعفريّة في بيروت، استحصل فيه الزّوج السّابق على حكم منحه “الحقّ في حضانة الطّفلين، وتسفيرهما إلى مقرّ إقامته في الخارج”. وهذا “يُعدّ مثالًا فادحًا للانحياز ضدّ الأمّهات”. |
اسم المؤلّف | 7- هديل فرفور | ||
عنوان المقالة | لماذا التّصويب مشروع على المحكمة الجعفريّة؟ | ||
التاريخ | 21/01/2021 | عدد الكلمات | 716 |
نوع وطبيعة المقالة | مقال –وجهة نظر– في صفحة سياسة، يحاول الإشارة إلى أنّ التّحركات النّسويّة ضدّ المحكمة الجعفريّة صائبة نتيجة “عشرات القرارات القضائيّة”، فـ”الغيّور على صورة المحكمة [الجعفريّة]، فليسعَ إلى تحسينها بالضّغط على مُشوّهيها”. |
رسم توضيحيّ (2). ويظهر تركّز المفردات الأساسيّة من العيّنات المختارة في جريدة الأخبار.
التّفسير
بعد أن تمّ وصف العيّنات المختارة من كلٍّ من صحيفتيّ النّهار والأخبار، بما يساهم في وصف الخطاب، وبالتّالي تقديم المعنى الأوّل للخطاب، تأتي عملية التّفسير من خلال تقديم الخلاصات المتضمَّنة في كلّ جريدة، بما يساهم في تقديم المعنى الثّاني للخطاب.
تضمّنت العيّنات المختارة في جريدة النّهار حملة على المحكمة الشّرعيّة الجعفريّة، وهجومًا جندريًّا، ودعوة لإعادة النّظر في الاجتهاد المتعلّق بالحضانة، كما افتقرت إلى الدّقة والأدلّة.
ففي مقال “عفواً أيّها القانون! هل تخترق الحركة النّسائيّة في لبنان (حضانة) المؤسّسة الدّينيّة؟” توجد حملة -على ما أسماه المقال- “الانتهاكات الحاصلة من جانب المؤسّسة الدّينيّة”، لافتًا إلى أنّ “المحكمة الشّرعيّة الجعفريّة في لبنان تخضع للمرجعيّة الدّينيّة الشّيعيّة المتمركزة في النّجف في العراق، وتحديدًا للمرجع الدّينيّ علي السّيستاني”.
وفي سياق الافتقار إلى الدّقّة وعدم التّوضيح، يشير المقال ذاته إلى “العديد من المبادرات والاجتهادات الشّخصيّة الّتي بدأ يقوم بها قضاة شرعيّون، نتيجة الضّغوط المطلبيّة والتّوعويّة والإعلاميّة، وهو ما يرافق خطابًا جديدًا عند بعض رجال الدّين من خارج المؤسّسة الدّينيّة الشّيعيّة الرسميّة”. وهذا العرض ينقصه الدّليل، كما غاب عنه تحديد أسماء رجال الدّين المعنيّين ومكانتهم العلميّة.
ويترافق غياب الدّليل مع تقديم المقال لأحكامٍ مسبقة، من دون حجّة، ليخلص إلى أنّ خوف النّساء سببه “منظومة الأحوال الشّخصيّة الّتي تجعل الطّلاق تمييزيًّا، ممّا يضطّر الكثير من الأمّهات إلى التّخلّي عن الحضانة، بمعزل عن السّنّ الّذي تقرّه الطّائفة، فتنتج الانتهاكات بشكلٍ أوسع”.
لقد تضمّن المقال تأطيرًا واضحًا؛ ذلك أنّ -حسب المقال المذكور- صلب حماية المرأة اللّبنانيّة هو تعديل سنّ الحضانة عند الطّائفة الشّيعيّة. “الحملة الوطنيّة لتعديل سنّ الحضانة عند الطّائفة الشّيعيّة”، أو ما يُتعارف عليه بحملة “حماية المرأة اللّبنانيّة”، محاولًا تعديل السّنّ القانونيّة للحضانة”.
أمّا مقال “حضانتي حقّي… التغيير آتٍ وهذا وعد”، فيوضح سبب حملة رفع سنّ الحضانة الّتي تمَّ إطلاقها؛ وهو وصول “صوت صراخ الأطفال، الّذين يتمّ انتزاعهم من حضن والداتهم، إلى داخل كلّ بيت لبنانيّ”. ومع أنّ هذه الخلاصة تفتقر إلى البُعد العلميّ، لناحية أنّ البحث الأكاديميّ يشكّل أساسًا لتحديد الإستراتيجيّة في حملة العلاقات العامّة، إلّا أنّ ما عزّز ذلك الافتقار هو خلط النّتائج بالوسائل، وتحديدًا عندما يشير المقال إلى أنّ الحملة استطاعت “أن توصل قضيّة كلّ أمّ إلى جميع وسائل الإعلام اللبنانيّة والعربيّة والعالميّة، واستطاعت الحصول على تأييد الكثير من رجال الدّين، المشهود لهم ولعلمهم في المجتمع الشّيعيّ”.
ومع أنّ ماهيّة المقال رأي، إلّا أنّه افتقر إلى الأدلّة. وعندما تظاهرت النّساء لم يخفنَ من أيّ وصمة يمكن أن يلصقها بهنّ “مجتمع هاجسه الحفاظ على مشاعر مولانا لأنّه يمثل الدّين، رغم أنّ الـ”مولانا” نفسه يحرمنا من أطفالنا ومن حقوقنا ومن حياتنا من خلال منصبه”. ويطرح المقال أرقامًا من دون دليل، كما يتضمّن تأكيدات عن التّغيير من دون تقديم دليل حول كيفيّة هذا التّغيير، ذلك أنّه يشير إلى وجود “مئات الأمثلة الموجودة لمدى الاستقواء الّذي يُمارس، والّذي يتسلّح به كلّ أب يريد أن “يرّبي” طليقته… وهذا كلّه تحت أنظار ورعاية المجلس الإسلاميّ الشّيعيّ الأعلى، ومَن وراءه من رجالٍ يُقال أنّهم يطبّقون شرع الله… فإنّ التّغيير آتٍ آتٍ لا محالة، هذا وعد”.
ولم يشذّ مقال “عن أمّهات ظُلمنَ في المحاكم الدّينيّة… القانون المدنيّ للأحوال الشّخصيّة في لبنان ضرورة وليس خيارًا” عمّا تمَّ تناوله في المقالين السّابقين، من هجوم جندريّ وتقديم أرقام من دون سند علميّ؛ ذلك أنّ المقال يورد أنّه “لا يزال آلاف الأطفال والأمّهات اللّبنانيّين محرومين من حقّهم في الحضانة والأمومة، في ظلّ قوانين أحوال شخصيّة تطيح بهذا الحقّ في نصوصها، وأثناء تطبيقها في محاكم يديرها نظام أبويّ، لا يزال يرفض الاعتراف بالمرأة إنسانًا كامل الحقوق والواجبات، ومستقلّاً في جوانب حياته كافّة، ويساوي بين السّيّدات اللّبنانيّات”.
ومع أنّ المقال المشار إليه هو عن المرأة اللّبنانيّة وما أسماه ظلم المحاكم الدّينيّة، إلّا أنّ مقال “نادين جابر نقلت الواقع… وأنجو ريحان تنتفض على قانون الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة” يشبه المقالين الأوّلين؛ لناحية انتقاد المحكمة الجعفريّة.
ومثلما أطّر المقال الأوّل قضيّة المرأة اللّبنانية بأنّها قضيّة المرأة الشّيعيّة، فإنّ مقال “ما بين الغيبوبة وحضانة أمّ” وسّع من دائرة هذا الإطار، ليشمل المرأة العربيّة، ويصل إلى نتيجة تعتبر أنّ “الانتصار الكبير للمرأة العربيّة لدى الطّائفة يتمثّل في تعديل سنّ الحضانة”. إنّ هذه النّتيجة تفتقر إلى بحث علميّ يحدّد مشكلات المرأة العربيّة، وتحديدًا المرأة العربيّة الشّيعيّة، علمًا أنّ بحثًا متكاملًا بحاجة إلى جهدٍ شاقّ، ووقت طويل.
وعلى عكس المقالات السّابقة، ركّز مقال “حقّ الحضانة… لماذا كلّ هذه التّعمية” على أهمّيّة النّقاش الفقهيّ؛ “إذ لطالما تميّز الاجتهاد الشيعيّ بمرونته ومواكبته لمشاكل العصر المستجدّة”، ليخلص المقال إلى أنّه “في النّتيجة، لا مناص من النّظر في قضايا الحضانة بجدّيّة وحكمة، أين تكمن مصلحة الطّفل”.
أمّا العيّنات المختارة من جريدة الأخبار، فقد تضمّنت هجومًا على المحكمة الشّرعيّة الجعفريّة، كما تضمّنت دفاعًا جندريًّا، ومجرّد إشارات إلى عشرات القضايا والقصص، وتشكيكًا بالإصلاحات الّتي ينوي المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى القيام بها، كما تضمّنت دعوتين هادئتين إلى مراجعة قضيّة الحضانة.
ففي مقال “لماذا التّصويب مشروع على المحكمة الجعفريّة؟”، يوجد ردّ على “مطلقي الانتهاكات بأبلسة الرّجال”؛ لأنّ “عشرات القضايا الّتي تُثار غالبًا ما يكون فيها الطّفل بمثابة أداة ابتزاز يستخدمها الأب لإخضاع الطّليقة”. وإذ يرى المقال أن التّغيير الجدّيّ يبدأ “على الأقلّ برفع سنّ الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة، والسّعي إلى إرساء مبدأ الحضانة المُشتركة، والبتّ السّريع في قضايا النّفقة، والرّؤية، والطّلاق”، فإنّه يرى أنّ “المطالبة بعدم التّفاعل مع خلافات الحضانة، والرّؤية، وغيرها، تسليم بانتهاك حقّ الأمومة، وموافقة على استخدام الأطفال وسيلة إخضاع”.
أمّا مقال “المحكمة الجعفريّة: (تلاعبٌ) بسنّ الحضانة؟” فعلّق على حكم قاضٍ في المحكمة الجعفريّة في بيروت، استحصل فيه الزّوج السّابق على حكم منحه “الحقّ في حضانة الطّفلين، وتسفيرهما إلى مقرّ إقامته في الخارج”، واصفًا ذلك الحكم بأنّه “يُعدّ مثالًا فادحًا للانحياز ضدّ الأمّهات… ويكشف حجم الانحياز إلى الأب”.
ومع أنّ موضوع احتساب السّنوات الهجريّة بدلًا عن الميلاديّة مسألة معروفة في الفقه الإسلاميّ الشّيعيّ، إلّا أنّ المقال يستنكر حكم القاضي؛ لأنّه احتسب “عمر الفتاة وفقًا للتّقويم الهجريّ لا الميلاديّ، كي يسمح بانتقال الحضانة إلى الأب”. وعلى عكس عنوانه الحاكم، جاء مقال “ظلم المحاكم الدّينيّة: احذروا غضب النّساء” خبريّ الطّابع؛ لأنّه أشار إلى مظاهرة لعشرات النّساء “طالبنَ بكفّ يد الطّوائف عن حياتهنّ، وشؤونهنّ الخاصّة، وإقرار قانون مدنيّ للأحوال الشّخصيّة يكرّس المساواة التّامّة، ويحميهنّ من عنف المحاكم الدّينيّة”.
ويشكّك تقرير “خطوة ناقصة والتفاف على مطلب رفع سنّ الحضانة: (بلفة) الإصلاح في المحاكم الجعفريّة” بطرح دفتر الشّروط لرئيس المحاكم الجعفريّة؛ إذ تعتبر رئيسة حملة “رفع سنّ الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة” زينة إبراهيم، بأنّه “ليس إلّا التفافاً على مطلب النّساء الأساسيّ برفع سنّ الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة”.
ويطرح التّقرير في الختام سؤالًا: “لماذا لا يتمّ [في المحاكم الجعفريّة في لبنان] الاقتداء بإيران والعراق؟”؛ ذلك أنّه “يخضع المسلمون الشّيعة العراقيّون لقانون مدنيّ موحّد يحدّد سنّ الحضانة للأمّ بـ 12 عامًا، سواء كان الطّفل ذكراً أم أنثى. أمّا في إيران، فلا يوجد سنّ محدّد؛ بل تُقيّم كلّ حالة وفق مصلحة الطّفل وأهليّة والديه، وبناءً على تحقيق اجتماعيّ وتربويّ ونفسيّ، ويتقرّر بعدها إعطاء الحضانة لمن تقتضيه مصلحة الطفل”.
وفي طرح أرقام غير مستندة إلى دليل علميّ، كما ورد في أكثر من مقال، والّتي اختيرت للتّحليل في هذه الورقة البحثيّة، يشير مقال “قوانين الأحوال الشّخصيّة: استعباد المرأة باسم الدّين” إلى وجود “آلاف النّساء اللّواتي يُحرمن يوميًّا من أبسط حقوقهنّ أمام «عدالة» رجال الدّين الذّكور، وتُنتهك كرامتهنّ بموجب قوانين الأحوال الشّخصيّة التّمييزيّة”. لكنّه، حسب المقال، “تشكّل قضيّة الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة التّعسّف الأكبر في قضايا الأحوال الشّخصيّة الطّائفيّة، إذ تحدّد المحكمة الشّرعيّة سنّ الحضانة للأمّ بسنتين فقط للذّكر، وسبع سنوات للأنثى”.
ورغم أنّ مقال “رفع سنّ الحضانة: النّصوص صريحة والاجتهاد موجود” جاء في سياق الرّدّ على ما ورد من رأي لبعض رجال الدّين، إلّا أنّه يوضح أنّه “يمكن من خلال دراسة النّصوص الخاصّة بالحضانة والعامّة، الّتي تلاحظ مصلحة الطّفل، الوصول إلى رفع سنّ الحضانة، لكن ليس سنّ 18 كما يريد البعض، ثمّ لا بدّ من التّفريق بين الحضانة والولاية، بمعنى أنّ الأب هو الوليّ الشّرعي للطّفل، والحضانة هي مجرّد تدبير شؤونه، فيستطيع الأب أن يمارس ولايته على طفله وهو في أحضان أمّه”.
وعلى غرار هذه الدّعوة الهادئة، يرى مقال “الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة وآليّتها المؤسّسيّة: وجهة نظر” أنّه “ليس صحيحًا مقاربة [قضيّة حضانة الأطفال] من خلفيّة (جندريّة) تقوم على الانتصار للمرأة أو للرّجل؛ أو استخدام لغة اتّهامية تُنزل كلّ ما خالف قناعة البعض في خانة الظّلم؛ أو استسهال الإساءة إلى بعض فئات المجتمع الشيعيّ (علماء دين، قضاة…)، والإضرار بسمعتهم؛ لأنّ من يخرج لرفع الظّلم لا يصحّ منه أن يَظلم، ومن يعمل على الإصلاح والتّغيير لن يكون مقبولًا أن يصدر منه الإضرار أو الأذى لأحد، أو أن يسيء إلى فئةٍ من النّاس في كرامتها وسمعتها”.
وبناءً على ذلك، يدعو المقال إلى التّعامل الهادف والمنهجيّ في قضيّة الحضانة، كما أنّه يدعو “المؤسّسات الشّيعية المعنيّة بهذا الشّأن، أن تتعامل مع أيّ معطى من هذا القبيل، على أنّه بمثابة فرصة لدراسة ذلك المعطى وجميع ما يتّصل به، فإن كان لا بدّ من إصلاح أمرٍ ما يُعمل على إصلاحه، وإن كان لا بدّ من تطوير واقعٍ ما يُعمل على تطويره؛ وإن لم يوجد ما يحتاج إلى التّغيير أو الإصلاح أو التّطوير، فمن الأهمّيّة بمكانٍ عندها أن يُعمل على بيان ما ينبغي بيانه بشكلٍ كافٍ ووافٍ، لإزالة أيّ التباس إن وجد، ولرفع أيّ إبهام إن حصل، ولتوضيح ما يجب توضيحه، بما يسهم في الحفاظ على مكانة تلك المؤسّسات وما ترمز إليه”.
التّحليل
بعد عرض المعنى الثّاني للخطاب، خصوصًا مع تشابه محتوى مقالات الصّحيفتَين، تأتي المرحلة الثّالثة، وهي تحليل الخطاب، وهذا ما يساهم في تقديم المعنى الثّالث للخطاب، وبالتّالي تحديد إستراتيجيّته.
بعد ما تمّ عرضه أعلاه، يظهر أنّ الإستراتيجيّة المّتبعة في الخطاب – بحسب غالبيّة المقالات، باستثناء مقالتَي الشّيخ محمّد شقير والشّيخ يوسف سبيتي في “الأخبار” وإلى حدّ ما مقال “حقّ الحضانة… لماذا كلّ هذه التّعمية؟” في “النّهار”- هي استخدام الأسلوب الّذي يستدرّ التّعاطف. وهذا يبدو جليًّا من خلال طغيان جانب الرّأي على الجانب الهادف مجتمعيًّا، رغم أنّ نصف العيّنة المختارة من جريدة الأخبار كانت من صفحة مجتمع. وفي هذا السّياق، يمكن الإشارة إلى بُعدين آخرين:
الأوّل: البُعد المعرفي
لقد تبيّن الضّعف المعرفيّ في غالبيّة الموادّ الّتي تمّ تحليلها. والمؤسف أنّ الإحصاءات العلميّة قد غابت، وكذلك الاستشارات العلميّة كاستشارة خبراء في الصّحّة النّفسيّة للإفادة من آرائهم لما فيه مصلحة الطّفل؛ كما غابت الإرشادات التوجيهيّة، وتحديدًا الإرشادات الحمائيّة للأمّ الّتي يتمّ مصادرة حقّها برؤية ولدها أو ابنتها من قبل الزّوج أو أهله.
إنّ الصّحافة مرآة الحدث، وبالتّالي فإنّها تعبّر عن واقع أطّره المؤلّف، وقد لا يعكس بالضّرورة الحقيقة. بيدَ أنّ تصدّي الصّحافة للعب دور تغييريّ تحت شعار السّلطة الرّابعة يستدعي من الصّحافيّ أن يحيط بمحاور وأسباب القضيّة الّتي يتناولها، وبالتّالي أن تصحّ لتكون مخرجاته في موضوع معيّن مرجعًا وصوتًا مؤثّرًا للتّغيير نحو الأفضل عند أصحاب القرار. ولذلك، فإنّ مادّة الخطاب الصّحافيّ المتعلّق بموضوع الحضانة، كما لوحظ في العيّنات المختارة من جريدتيّ النّهار والأخبار، تفتقر إلى أسباب المعرفة الّتي تضفي عليه القوّة.
الثّاني: البعد الدّينيّ
لقد أظهرت غالبيّة العيّنات الّتي تمّ تحليلها انتقادًا للمحاكم الدّينيّة، ومنها المحكمة الجعفريّة، وظهرت جليًّا دعوتان: الأولى، تدعو إلى إلغاء المحاكم الشرعيّة والدّينيّة وصولًا إلى قانون مدنيّ موحّد. والثّانية، تدعو إلى تغيير الرّأي الفقهيّ ورفع سنّ الحضانة بما يناسب الدّاعيات، وصولًا إلى التّشكيك بنوايا مراجعة ما يتّصل بموضوع الحضانة من قبل القيّمين على المحكمة الجعفريّة. ورغم أنّ الانتقادات الموجّهة إلى المحاكم الدّينيّة، وتحديداً المحكمة الشّرعيّة الجعفريّة وأحكام بعض القضاة الشّرعيّين، شكّلت مادّة للانتقاد، إلّا أنّ وصول الانتقاد إلى استخدام تعابير مثل “رجال الدّين الذّكور”، وسلطة “المولانا”، و”استعباد”، وغيرها من العبارات، أفرغ الخطاب من رساليّته، وجعله بشكل أو بآخر خطابًا مركّزًا ضدّ رجال الدّين([16]).
من الضّروري للصّحافة أن تكون مسؤولة اجتماعيًّا، من خلال تقديم المعلومات الصّحيحة للجمهور وعرض وجهات النّظر للأطراف كافّة بشكل عادل([17]). وهذا من جوهر نظريّة المسؤوليّة الاجتماعيّة للإعلام. الملفت في هذا الخطاب قلّة ما يدلّ على حقّ ومصلحة الطّفل، والّتي تمّ التّركيز عليها في مقالتيّ رجلَي الدّين في جريدة الأخبار، كما أنّه غابت أيّ إشارة إلى أنّ ثمة أزواجًا ربّما رفعوا صوتهم استنكارًا لحكم خسروه في المحكمة، يتعلّق بخسارتهم حقّ حضانة أطفالهم.
الاستنتاج
تعكس غالبيّة المقالات، الّتي تمّ اختيارها للتّحليل، كما ورد أعلاه، جانبًا ذاتيًّا لا موضوعيًّا في مقاربة موضوع الحضانة. ومع أنّ بعض المقالات أشار إلى ممارسات غير مقبولة من بعض الأزواج، وعلى أحكام فيها نظر من قاضٍ شرعي، إلّا أنّه لم تسعَ غالبيّة تلك المقالات إلى تحديد جوهر القضيّة، وما يراعي فعليًّا مصلحة الأولاد الّذين هم بحاجة إلى رعايتين؛ من الأب ومن الأمّ. ولذلك، كان تأطير موضوع الحضانة جليًّا، فاتّخذ بُعدًا جندريًّا، واستدرّ عاطفة القرّاء.
لقد غابت عن تلك المقالات وجهات النّظر الأخرى من الأزواج، كما غابت الأرقام العلميّة الّتي تحدّد حجم ما يمكن وصفه بممارسات خاطئة بحقّ أمّهات تمّ حرمانهنّ من حضانة أولادهن تعسّفًا، ومن دون وجه شرعيّ.
إنّ الصّحافة تلعب دورًا محوريًّا كسلطة رابعة تدفع إلى تحرّك السّلطة القضائيّة، وبالتّالي فإنّه من المفترض لهذا الدّور أن لا يكون استنسابيًّا، أو ظرفيًّا، أو محكومًا بأجندات تحريريّة خاصّة. إنّ لبنان مرّ، ويمرّ، بأزمات تدلّ عليها مؤشّرات تصنيفيّة عدّة منها الفساد.
وبالتّالي، فإنّ سياقات ما يُسمّى بموضوع الحضانة، وتحديدًا الممارسات الخاطئة في هذا الملف، قد لا يكون بعضها بعيدًا عن مؤشّر الفساد، وما يعكسه سلبًا ضعف البنى الإرشاديّة والتّربويّة الأخرى، وربّما غيابها، والّتي من أدوارها المركزيّة السّعي إلى تعزيز منظومة الأمن المجتمعيّ. ومع أنّ الرجل والمرأة في المجتمع، أو بالأحرى الزّوج والزّوجة، هما جزء من بيئة محدّدة قد تتأثّر بمخرجات الإعلام وانعكاسات العولمة، إلّا أنّ الخطورة تكمن في استلهام نماذج، وتقليد تجارب هي ابنة بيئاتها وظروفها، والّتي لا تتساوق حتمًا مع الواقع اللّبنانيّ؛ بفرادة نموذجه، وغرابة ظروفه وحدّتها. وهذا الأمر لا يعفي الحركات النّسويّة، ولا المؤسّسات الدّينيّة، ولا الإعلام، ولا الصّحافة في لبنان، من لعب دور بنّاء، والأخذ بأسباب تعزيز منظومة حماية الحقوق والواجبات، تحت مظلّة الأمن الاجتماعيّ الذّي يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعيّة، الّتي هي أسمى وأرقى من المساواة الشّكليّة الّتي تذيب الخصوصيّات والفوارق.
لائحة المصادر والمراجع
المراجع بالعربيّة
- إبراهيم، زينة، حضانتي حقّي… التّغيير آتٍ وهذا وعد، جريدة النّهار،2019م، الرّابط: https://2u.pw/dnCNZ
- ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب، الطّبعة الثّالثة، بيروت، دار إحياء التّراث العربي، الجزء الثّالث، 1999م.
- الأسمر، جودي، عن أمّهات ظُلمنَ في المحاكم الدّينيّة… القانون المدنيّ للأحوال الشّخصيّة في لبنان “ضرورة وليس خيارًا”، جريدة النهّار، 2021م، الرابط: https://2u.pw/4CeZu
- اعتصام لرفع سنّ الحضانة عند الّشيعة: نعم للاجتهاد، جريدة النّهار، 2013م، الرّابط: https://2u.pw/lwWOk
- الحسنيّ، هـاشم معروف، سيرة المصطفى: نظرة جديدة، لا طبعة، بيروت، دار التّعارف للمطبوعات، 1996م.
- الغصين، إيلدة، ظلم المحاكم الدّينيّة: «احذروا غضب النّساء»، جريدة الأخبار، 2019م، الرّابط:
- الموسوي، فاطمة، عفوًا أيّها القانون! هل تخترق الحركة النّسائيّة في لبنان “حضانة” المؤسّسة الدّينية؟، جريدة النّهار، 2019م، الرّابط: https://2u.pw/xhxSs
- بو حمدان، فاتن، ما بين الغيبوبة وحضانة أمّ، جريدة النّهار، 2021م، الرّابط:
- روحانا، زويا، قوانين الأحوال الشّخصيّة “ضدّي”، جريدة النّهار، 2018م، الرّابط: https://2u.pw/dT4JV
- سبيتي، يوسف علي، رفع سنّ الحضانة: النّصوص صريحة والاجتهاد موجود، جريدة الأخبار، 2013م، الرّابط:
- شقير، محّمد، الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة وآليّتها المؤسّسيّة: وجهة نظر، جريدة الأخبار، 2021م، الرّابط:
- عقيقي، فيفيان، فرفور، هديل، قوانين الأحوال الشّخصيّة: استعباد المرأة باسم الدّين، جريدة الأخبار، 2017م، الرّابط:
- فرفور، هـديل، المحكمة الجعفريّة: «تلاعبٌ» بسنّ الحضانة؟، جريدة الأخبار، 2020م، الرّابط:
- فرفور، هديل، خطوة ناقصة والتفاف على مطلب رفع سنّ الحضانة: «بلفة» الإصلاح في المحاكم الجعفريّة، جريدة الأخبار، 2019م، الرّابط:
- فرفور، هـديل، لماذا التّصويب مشروع على المحكمة الجعفريّة؟، جريدة الأخبار، 2021م، الرّابط:
- فضل الله، محمّد حسين، فقه الشّريعة، الطّبعة السّابعة، بيروت، دار الملاك، الجزء الثّالث، 2003م.
- 17. فضل الله، محمّد عبد الله، حقّ الحضانة… لماذا كلّ هذه التّعمية؟، جريدة النّهار، 2017م، الرّابط: https://2u.pw/Ipbes
- نادين جابر نقلت الواقع… وأنجو ريحان تنتفض على قانون الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة، جريدة النّهار، 2021م، الرّابط:
المراجع بالإنكليزيّة
- Bryman, A., Social Research Methods, 5th ed., Oxford, UK: Oxford University Press, 2016.
- Fairclough, N., Language and Power, 3rd ed., New York, NY: Routledge, 2014.
- Fairclough, N., Media Discourse, London, UK: Bloomsbury Academic, 1995.
- Middleton, M., Social responsibility in the media, Center for International Media Ethics CIME, Oxford University PCMLP, 2009. Retrieved from http://www.mediafutureweek.nl/wp-content/uploads/2014/05/SR_media1.pdf
- Parker, I., Discourse Dynamics: Critical Analysis for Social and Individual Psychology, New York, NY: Routledge, 2014.
([1]) محمّد بن مكرم ابن منظور، لسان العرب، ص 220-221.
([7]) هاشم معروف الحسنيّ، سيرة المصطفى: نظرة جديدة، ص 46-47.
([8]) محمّد حسين فضل الله، فقه الشّريعة، ص 544-545.
([9]) محمّد شقير، الحضانة لدى الطّائفة الشّيعيّة وآليّتها المؤسّسيّة: وجهة نظر، ص 220.
([10]) تجدر الإشارة إلى أنّ ترجمة كلمة حضانة إلى اللّغة الإنكليزيّة هي custody والّتي تأتي أيضًا بمعنى السّجن أو الحبس، عكس كلمة carer والّتي تحمل بُعدًا إيجابيًّا وهو الاعتناء والاهتمام.
([11]) محمّد بن مكرم ابن منظور، لسان العرب، ص 220.
([12]) A. Bryman, Social Research Methods, p. 399.
([13]) I. Parker, Discourse Dynamics: Critical Analysis for Social and Individual Psychology, p. 1.
([14]) N. Fairclough, Language and Power, p. 154.
([15]) N. Fairclough, Media Discourse, p. 29-30.
([16]) لقد ورد في الكثير من المواضع في العيّنات المختارة من الصحيفتَين مفردة الطّائفة الشّيعيّة. وهذا التّعبير هو تأطيريّ -وربّما تمّ استخدامه عن غير قصد- علماً أنّ التّعبير الأفضل قد يكون هو المذهب بدلاً من الطائفة؛ لأنّ الشّيعة أحد المذاهب الإسلاميّة.
([17]) M. Middleton, Social responsibility in the media, p. 4.
(*) رئيس قسم الصحافة والإعلام الرقميّ في جامعة المعارف الإسلاميّة.