الإلحاد الجديد: قراءة نقديّة في البنى الإبستمولوجيّة
(*) – ماجستير في الأنتروبولجيا – الجامعة اللبنانيّة.
– إجازة في العلوم الإسلاميّة – جامعة المصطفى.
– إجازة في علم الاجتماع – الجامعة اللبنانيّة.
إنّ تناول مسألة الرّؤى المناهضة للدّين بنسخته الكاملة، الشّاملة للمعتقدات والقيم والتّشريعات، ليس بالأمر الّذي يمكن النّظر إليه بشكل بسيط على أنّه جدليّة بين أمرين: الدّين وغيره، بحيث يكون الّذين لا يقبلون الدّين مشتركين في رؤية واحدة؛ بل الأمر أعمق من ذلك وأشدُّ تفريعًا، وذلك أنّنا عند الكلام عن “مضادّة الدّين” أو “رفضه” نكون أمام جملة من التّساؤلات المهمّة: ما هو الدّين؟ وما هي عناصره؟ وأيّ دين هو المقصود؟ وهل التّيّارات الرّافضة للدّين ترفضه بجميع عناصره؟ أم إنّ الرّافضين على أنحاء وأقسام؟ هذا مضافًا إلى جملة من الأسئلة، حول مناهج التّيّارات الرّافضة وأساليبها. فهل مناهج التّيّارات المناهضة للدّين –ولو في بعض عناصره- على نسقٍ واحد، وأسسٍ معرفيّة واحدة أم لا؟ إلى غير ذلك من الأسئلة الإشكاليّة، الّتي تضعنا أمام سيل من الاستفهامات، بحيث يصبح البحث متشعّبًا، ولا يمكن تناوله عندئذ تناولًا خطابيًّا، فيه من اللّغة التّعميميّة المنافية لواقع الأمور.
نعم، إنّ الأديان التّوحيديّة، وبالخصوص الدّين الإسلاميّ، عبارة عن منظومة من المعارف والقضايا الموزّعة على أنحاء ثلاثة بشكل عامّ -وبالمناسبة كلّ نحو من هذه الأنحاء يضمّ فروعًا أيضًا-:
الأوّل: المعارف الفلسفيّة، والّتي يمكن تسميتها بالمعارف المتعلّقة بالإثبات والنّفي لما هو موجود أو غير موجود، من قبيل إثبات وجود كائن متعالٍ عن المادّة وآثارها، له من صفات العلم المطلق، والحياة المطلقة، والقدرة المطلقة، ومن قبيل إثبات الحياة بعد الموت إلى غير ذلك.
الثّاني: المنظومة القيميّة، الّتي تقدّم خريطة من الأخلاق الفرديّة والاجتماعيّة حول العدل، والحريّة، والمساواة، وكذلك الزّهد، والصّدق، والحياء، إلى غير ذلك.
الثّالث: التّشريع القانونيّ، الّذي يمكن تسميته بنمط الحياة الّذي يمثّل رؤية الدّين حول آليّات وطرق علاقة الإنسان مع نفسه، ومع غيره، ومع ربّه، وهو المسمّى بالفقه، والشّريعة، والدّين على بعض الإطلاقات.
هذه المراتب الثّلاث من الدّين عمومًا، والإسلاميّ خصوصًا –والّذي يمثّل النّسخة الأوضح لهذه العناصر في وقتنا الرّاهن-، هي الّتي نعنيه من مصطلح “الدّين” في بحثنا، وإلّا فإنّنا قد نجد وفق بعض الاصطلاحات إطلاقًا للفظ الدّين على بعض المنظومات الأخلاقيّة الّتي لا تمتلك كامل العناصر المذكورة أعلاه؛ كالبوذيّة مثلًا.
من هنا، فإنّ الرّؤى المناهضة أو الرّافضة للدّين هي رؤى قد ترفض عنصرًا وتقبل آخرًا، أو قد ترفض كلّ العناصر؛ بل قد تكون رؤى لامبالية تُجاه الإثبات والنّفي اللّذين يطرحهما الدّين، أو مشكّكة في بعضه دون البعض الآخر، وهكذا. وقد ذكر بعض المحققين إشارة إلى هذا الأمر المهمّ قائلًا: “إذا كان الإلحاد الغربيّ، بنزعته الدّيناميكيّة، هو ذلك الّذي عبّر عنه نيتشه حين قال: (لقد مات الله)، وإذا كان الإلحاد اليونانيّ هو الّذي يقول: (إنّ الآلهة المقيمين في المكان المقدّس قد ماتوا)، –فإنّ الإلحاد العربيّ- […] هو الّذي يقول: (لقد ماتت فكرة النّبوّة والأنبياء)”([1]). فإنكار النّبوّة مع قبول التّوحيد، أو إثبات الإله، هو تعبير آخر عن إنكار المنظومة التّشريعيّة بشكل واضح، وهو بخلاف إنكار أصل وجود الإله.
من هنا، إذا أردنا أن نصنّف التّيّارات نجد أنّنا أمام من ينكر كلّ العناصر، وإن كان بإنكار العنصر الأوّل منه؛ لأنّ بقيّة العناصر تبتني عليه –أقصد عنصر الاعتقاد بوجود الإله-، وهو المسمّى بالملحد. وأمّا اللّادينيّ، فهو مَن قد يؤمن بالإله ولكن يرفض بقيّة العناصر، وبالخصوص العنصر التّشريعي للدّين. واللّاأدري هو الّذي تكافأت عنده أدلّة الإثبات والنّفي، فلم يتّخذ موقفًا رافضًا أو مثبتًا للدّين؛ بل يقف موقفًا سلبيًّا غير مثبت، إلى غير ذلك.
ما يهمّنا هنا، والّذي هو موضع دراستنا، الإلحاد بشكل خاصّ؛ أي الإنكار الواضح للدّين بجميع شؤونه. وإنّما تجلّى الإنكار بإنكار العنصر الإلهيّ فيه؛ بحيث اتّسم الملحد بكونه منكرًا لوجود الكائن المتعالي الخالق للعالم، والّذي يتّصف بصفات متعالية، ومطلق من العلم، والقدرة، والحياة، وغيرها من صفات الكمال على نحو مطلق. وهذا الإنكار يتبعه بشكل تلقائيّ إنكار العنصرَين الباقيَين؛ أي المنظومة الأخلاقيّة الدّينيّة والمنظومة التّشريعيّة، لأنّهما متفرّعتين على القبول بأنّهما من الإله، والحال أنّ الملحد ينكره.
ممّا تقدم يظهر أنّ محلّ الكلام ليس في الرّبوبيّ أو اللّاأدري أو المشكّك؛ بل بخصوص الملحد. ثمّ إنّ الإلحاد وفق بعض الإطلاقات ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1. الإلحاد القديم: وهو الصّنف الّذي يرتكز على ثلاثة عناصر رئيسة. الأوّل؛ التّعامل مع قضيّة وجود إله شخصيّ ومحدّد – الله مثلًا-. والثّاني؛ طرح الحجج ذات الطّابع الفلسفيّ في تبرير وإثبات المدّعى. والثّالث؛ أنّه ذو صبغة نافية وسلبيّة بالمعنى الصّافي والمطلق للكلمة([2]).
2. الإلحاد الوسطيّ: وهو الّذي يمكن اعتباره نوعًا من التّعديل للإلحاد القديم؛ بحيث يكون مع رفضه لمقولة الإله الشّخصيّ والمعيّن، يطرح أنّ فرضيّة وجود الإله في نفسها ممكنة، مضافًا إلى عدم استحالة القبول بأنماط غير شخصيّة من الآلهة([3]).
3. الإلحاد الجديد: السّمة البارزة فيه عدم كونه فلسفيًّا بالمعنى الأكاديميّ للكلمة بخلاف الإلحاد القديم؛ بل هو على نسق ما يسمّى pop- science أو العلوم الشعبويّة، حيث إنّ خطابه غير فلسفيّ؛ بل يرتكز على رؤية مادّيّة وعلمويّة –نسبة إلى العلم مقابل الفلسفة- من حيث المنهج، ويركّز على قضيّة أساسيّة وهي عدم عقلانيّة دعوى وجود الإله، بخلاف الإلحاد المتوسّط، أو المعدّل عن القديم، الّذي يقبل الفرضيّة على الأقّل من ناحية معرفيّة إبستمولوجيّة، ولكن يسعى إلى تقديم حجج في مقابلها.
ننتقل من هذا التّقسيم إلى التّحديد أكثر في تناول الإلحاد الجديد، وهو الّذي برز بشكل واضح من خلال مؤلّفات أربعة من الملحدين هم: ريتشارد دوكينز (Richard Dawkins)، سام هاريس (Sam Harris)، كريستوفر هيتشنز (Christopher Hitchens) ودانييل دينيت (Daniel Dennett). ومصطلح “الإلحاد الجديد” تمّ نحته أوّل مرة عام 2006 من الميلاد في مقالة لغراي وولف (Gray Wolf) في مجلّة “Wired” بعنوان “The Church of the Non-Believers”([4]).
وتأكيدًا لما مرّ، فإنّ هؤلاء –والّذين يسمّون أيضًا بالفرسان الأربعة للإلحاد الجديد- ليسوا من المشتغلين بالفلسفة، سوى دانييل دينيت، فالطّاغي على تناولهم قضيّة الإلحاد هو البُعد غير الفلسفيّ كما ذكرنا. ولا يوجد تعريف واضح للإلحاد الجديد، ولكن ما يمكن أن يقرّب في نظرنا ما يذكره البعض من أنّه عين الإلحاد القديم في حججه وآرائه، إلّا أنّه قدّم أطروحاته بقالب بيانيّ جديد غير فلسفيّ([5]) -وهو ما يمكن أن نقبله إلى حدّ بعيد– وإن لم يكن عينه، من حيث تناول الجهة الأخلاقيّة القيميّة، وهذا ما سنجده لاحقًا.
وعليه، إنّ عدم فلسفيّة الإلحاد الجديد تكمن في أسلوب بيانه لا في جوهره، وإن كان التّعامل الحياديّ مع الأسلوب واعتباره مجرّد طريقة لبيان الأفكار هو تعامل ساذج بعض الشّيء؛ إذ إنّ البيان واللّغة المستخدمَين يستبطنان قفزات فلسفيّة في الكثير من الأحيان، وسنذكر نماذج لهذا الأمر في ما يأتي.
وفي الجملة، إنّ المعالم الرّئيسة الّتي تشكّل الإلحاد الجديد عبارة عن مجموعة من العناصر، هي: النّظرة الطّبيعيّة والمادّيّة للوجود، والتّركيز الجادّ على حصر المعرفة بالأداة العلميّة -science-، وحصر العقلانيّة وإمكانيّة المعرفة بما هو تجريبيّ فقط، ويخلص إلى أنّ الدّين ليس فقط “خاطئًا”؛ بل خطيرٌ ويجب إزالته([6]).
ثمّ إنّه لا يخفى على من تتبّع، أنّ ريتشارد دوكينز يعتبر الرّائد الأهمّ، قياسًا مع بقيّة الملحدين الجدد. ولذا، نجده يتصدّر الواجهة عند أيّ حديث حول هذا الإلحاد، وشكّل كتابه “وهم الإله” الكتاب الأكثر تداولًا وشهرة بين أقرانه. وحيث إنّ الدّراسة الّتي بين أيدينا لا تستوعب القراءة الكاملة لكلّ ما أتى به الفرسان الأربعة، وجدنا أنّ المناسب تناول الإلحاد الجديد المتمثّل بأكثر الملحدين الجدد رواجًا وشهرة، أعني به ريتشارد دوكينز.
في ما يلي، نتعرّض أوّلًا إلى أهمّ سمات الإلحاد الجديد بشكل عامّ، ومن ثمّ نخصّص الكلام في الأبعاد الإبستمولوجيّة المعرفيّة الّتي استند إليها الملاحدة الجدد، وخصوصًا ريتشارد دوكينز. وثانيًا، نستعرض أهمّ الأصول النقديّة الّتي تشكّل محاولة جادّة في الرّدّ الجذريّ على البُعد المعرفيّ في استدلالاتهم ونقوضهم على وجود الإله.
القسم الأوّل: البعد الإبستمولوجيّ في الإلحاد الجديد (The Epistemology of New Atheism)
في هذا القسم من البحث نتعرّض أوّلًا إلى بيان الملامح العامّة لما يسمّى الإلحاد الجديد عند ريتشارد دوكينز، ومن ثمّ نخصّص الكلام في جزء من هذه الملامح؛ وهو الجزء الإبستمولوجيّ المعرفيّ. ولذا، فالكلام يقع على نقطتين:
النّقطة الأولى: الملامح العامّة للإلحاد الجديد عمومًا، ودوكينز خصوصًا
ذكرنا أنّ روّاد ومطلقي شرارة ما يسمّى الإلحاد الجديد هم أربعة، يُطلق عليهم اسم الفرسان الأربعة. والكتب الّتي تمثل وثيقة ودستور هذا الإلحاد هي ما نشره هؤلاء، وإن كان قد انضمّ إليهم فيما لحق كثير من الملحدين. وهذه الكتب هي: “وهم الإله” لريتشارد دوكينز، “الإله ليس عظيمًا” لكريستوفر هيتشنز، “نهاية الإيمان” لسام هاريس، و”كسر التّعويذة” لدانييل دينيت، وغيرها من الكتب. وإنّما اقتصرنا على أهّمها وأكثرها رواجًا.
أمّا بالنّسبة إلى الأفكار الّتي يطرحها هؤلاء في هذه الكتب؛ بل وفي غيرها، حتّى في مقابلاتهم الصّحفيّة، يمكن توزيعها على محاور عدّة، نرتّبها في ما يلي، حسب الأهميّة الّتي يحتلّها كلّ محور في كلمات الملحدين الجدد:
الأوّل هو المحور الأخلاقيّ – القيميّ
وهو الّذي يحتلّ الجزء الأكبر من مؤلّفات هؤلاء، وكأنّ ادّعاءاتهم إلى حدّ بعيد تنصبّ على قضيّة أنّ المسألة أخلاقيّة. وكلامهم في هذا المحور يمكن تقسيمه إلى أمرين:
1. الأمر الأوّل؛ وحاصله أنّ الدّين في نفسه غير أخلاقيّ، والانتماء الدّينيّ سيّء وخطير؛ بل هو سبب الويلات. والملفت في هذا الأمر استعمالهم لغة استعلائيّة وعدائيّة؛ تخرجهم عن الطّرح العلميّ الموزون. ونظرة سريعة إلى ما كتبوا تضعنا أمام كمّ هائل من اللّغة السّاخرة تارة، والهجوميّة تارة أخرى، على الدّين بكليّته. حتّى أنّ بعضهم ذكر أنّ الإلحاد الجديد هو جهد استثنائيّ لمواجهة وردع التّأثير السّياسيّ للدّين، ممّا يستتبع ذلك من تسييس للإلحاد([7]).
ومن الشّواهد الصّارخة على هذا الأمر، ما ذكره مثلًا هيتشينز في كتابه “ليس الإله عظيمًا”؛ حيث قال: “في الحال الّذي أكتب أنا هذه الكلمات، وأنت تقرؤها، فإنّ المؤمنين يخطّطون بشتّى الطّرق لهلاكي وهلاكك؛ بل وتدمير كل المنجزات البشريّة. الدّين يسمّم كلّ شيء”([8]). وقد أُلّفت في هذا المحور مصنّفات عديدة، ورصد بعض الباحثين اللّغة الاستعلائيّة والعدائيّة في كتب الفرسان الأربعة([9]).
والإشكال الأساسيّ في هذا الطّرح هو القفزة غير المنطقيّة في تقييم قضيّة فلسفيّة؛ هي وجود الإله والأديان، انطلاقًا من سلوكيّات وأحداث سياسيّة معيّنة.
2. الأمر الثّاني؛ ويتلخّص في أنّ الأخلاق أمر عقليٌّ، فلا نحتاج إلى الإله لكي نشكّل منظومة أخلاقيّة. وعليه، يخلص أمثال دوكينز إلى أنّ من الأسباب الدّاعية للإلحاد عدم الحاجة إلى الإله في تشخيص القيم والأخلاق، فيذكر أنّنا “لسنا بحاجة إلى إله لنكون صالحين أو طالحين”([10]).
والقفزة غير المنطقيّة، والّتي تثير العجب، هي أنّ قضية وجود الإله لا تتناقض أصلًا مع قضيّة كون الأخلاق مسألة تنبع من العقل والضّمير الإنسانيّ؛ بل ينتقل الملحدون الجدد لا إلى نفي الحاجة إلى الإله -ومن ثمّ إلى إنكاره!- فقط؛ بل ينتقلون من ذلك للقول إنّ الدّين أمر سيّئ للغاية من النّاحية الأخلاقيّة. وهذا الجانب من احتجاجاتهم يُعدّ من مميّزاتهم الّتي يتميّزون بها عن الإلحاد القديم، حيث يطرح بعض المفكّرين أنّ المبرّر لاتّخاذ اسم “الإلحاد الجديد” في الحقيقة هو هذا الجانب، إذ إنّهم “يفترضون وجود معيار أخلاقيّ، علمانيّ، موضوعيّ يشترك فيه جميع البشر، يميّزهم عن غيرهم من الملحدين القدماء البارزين مثل نيتشه وسارتر، ويمثّل حجر الزّاوية في حججهم، لأنّه يُستخدم لاستخلاص حقيقة أنّ الدّين (سيّئ) بطرق عديدة”([11]).
نكتفي بعرض هذه اللّمحة المختصرة حول تناولهم للعنصر الأخلاقيّ؛ وذلك لأنّ مصبّ اهتمامنا في هذه الدراسة هو العنصر الإبستمولوجيّ، كما تقدّم.
الثاّني هو المحور الميتافيزيقيّ/ الفلسفيّ
وعمدة ما يطرح في هذا المجال إنكار وجود إله، أو أيّ موجود غير مادّيّ أو مقدّس. وبطبيعة الحال، مع ما يستتبعه ذلك من إنكار النّبوّة والتّشريعات وكلّ اللّوازم الدّينيّة الأخرى. وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ أحدًا من الفرسان الأربعة لم يتعرّض لما ذكره فلاسفة عظماء من المسلمين، أمثال الفارابي، وابن سينا، والميرداماد، وصدر المتألّهين الشّيرازيّ، وصولًا إلى العلّامة الطّباطبائيّ وغيرهم؛ بل أمثال دوكينز مثلًا، الّذي ينقل الأدلّة الخمسة الّتي ذكرها توما الأكوينيّ حول وجود الله، ومن ثمّ يحاول نقضها؛ بحيث يظهر من خلال نقله إيّاها التّحريف الواضح لها، إمّا لعدم تخصّصه في الفلسفة الأولى، أو لكونه فعلًا لم يفهمها على المستوى التّصوّريّ أو التّصديقيّ.
ومن الأمثلة على ذلك، أنّ توما الأكوينيّ، في المنهج الثّالث من مناهج إثبات وجود الله، عنده ذكر منهج الوجوب والإمكان؛ وهو البرهان المعروف حتّى عند الحكماء المسلمين –على اختلافٍ في تصويره، حيث يخلص من خلاله إلى أنّ الوجود لا يمكن أن يتألّف من سلسلة من الممكنات فحسب، للزوم التّسلسل الباطل عقلًا، فلا بدّ من واجب بالذّات. إلّا أنّ دوكينز طرح هذا الّدليل بما لفظه: “ثالثًا: العلّة الكونيّة: من المحتّم وجود زمن لم توجد فيه المادّة، ولكن بما أنّ الأشياء الفيزيائيّة موجودة الآن، إذن لا بدّ من وجود شيء غير فيزيائيّ أتى إلى الوجود من العدم، وهذا الشّيء غير الفيزيائيّ ندعوه الله”([12]). وحيث إنّنا لسنا بصدد نقد الجهة الميتافيزيقيّة الفلسفيّة لما طرحه دوكينز، أو غيره من الملاحدة الجدد، إلّا أنّ من له أقلّ اطّلاع على الفلسفة الإلهيّة يعرف بطلان هذا التّقرير لبرهان الواجب والممكن، إذ لا دخل لمسألة الزّمان ههنا، ولا أنّ التّسلسل المقصود هو التّسلسل الزّماني.
هذا مضافًا إلى أنّ من يراجع فهمه لأدلّة الأكوينيّ على وجود الله يجده يفسّرها على طريقة “إله الفجوات” (The God of Gaps)؛ بمعنى أنّنا عندما نعجز عن تفسير شيء ما، أو عندما نصطدم بفجوة معرفيّة، نملأها من خلال طرح فرضيّة وجود الإله كما كانت الحضارة المصريّة القديمة ترجع فيضان النّيل إلى سبب غير طبيعيّ، مثل غضب الآلهة، لجهلها بالأسباب الطبيعيّة([13])، وهو أمر مباين للواقع تمامًا، إذ “إنّ الأكوينيّ لا يستدلّ، على الإطلاق، من خلال استعمال هذه الطّريقة العرجاء المسمّاة بـ(إله الفجوات)؛ بل ولا يفعل ذلك أيٌّ من كبار الفلاسفة اللّاهوتيّين”([14]). نكتفي بهذا السّرد السّريع، وننتقل إلى المحور الثّالث الّذي يعنينا، وهو محلّ بحثنا([15]).
الثّالث هو المحور الإبستمولوجيّ
يتمحور هذا الأمر حول قضيّة أساسيّة أيضًا؛ وهي أنّ القول بوجود الإله غير عقلانيّ، وأنّ الحجج المطروحة تستند إلى الإيمان المجرّد عن التّعقّل، وهذه الدّعوى الإلحاديّة نشأت بعد الاعتماد على أركان ومبادئ؛ كإنكار الكلّيّات والاعتماد على التّجربة كمصدر وحيد للمعرفة، وغير ذلك كما سيأتي تفصيله لاحقًا. إذ إنّ دراستنا محلّها هذا البُعد فقط. ونحن نفرد لهذا العنصر عنوانًا مستقلًّا.
النّقطة الثّانية: الأسس الإبستمولوجيّة للإلحاد الجديد (دوكينز نموذجًا)
هل طَرحُ دوكينز –الممثّل الأبرز للإلحاد الجديد- مبادئه الإبستمولوجيّة الّتي ينطلق منها مستقلٌّ ومنظّم للوصول إلى اعتقاداته في قضيّة إنكار وجود الإله؟ الأمر الواضح هو أنّه لم يفعل ذلك صراحة، فأدنى مراجعة لكتبه تُبيّن لنا أنّ ذلك غير موجود بطريقة وأسلوب استدلاليّين أكاديميّين. ولكن، بطبيعة الحال، كأيّ شخص يريد الاستدلال على شيء أو حتّى نقض ورفض أيّ فكرة، لا بدّ من أن يمتلك أسسًا معرفيّة إبستمولوجيّة يؤسّس عليها معارفه وادّعاءاته.
لذا، فإنّ مهمّتنا تكمن في استخراج –وإن أمكننا القول “استنباط” بكلمة أدقّ- هذه الأسس من مجمل طريقته في الاستدلال والنّقد، ثمّ إنّ بعض المفكّرين ذكر أنّ الإلحاد الجديد، وبخاصّة ما ذكره رائده –أعني دوكينز-، ضعيف إلى حدّ بعيد من النّاحية الإبستمولوجيّة؛ بل معيبٌ على حدّ تعبيره، إذ قال: “الإلحاد الجديد الذي مثّله ريتشارد دوكينز في كتابه (وهم الإله) (2006)، وثلاثة آخرون على الأقل […]، يعارض تمامًا فكرة الحقائق المتعالية أو الخارقة للطّبيعة، […] في نظري يوجد الكثير من الأمور الخاطئة في الإلحاد الجديد، ونظريّتها في المعرفة (الإبستمولوجيا) إلى الحدّ الّذي يجعلها معيبة”([16]).
ولكن، حتّى لا نقع في فخّ الادّعاءات والانتقادات الّتي تطلق على عواهنها، فإنّ الأسس الإبستمولوجيّة الّتي يرتكز عليها الإلحاد الجديد، ممثّلًا بدوكينز، يمكن استخلاصها من عدّة بيانات يطرحها، حيث يقول:
1) “والملحد في هذه الحالة، في نظر الفيلسوف الطّبيعيّ، هو شخص لا يؤمن بوجود شيء ما وراء العالم الطّبيعيّ الفيزيائيّ، ولا وجود لخالق خارق للطّبيعة ذكيّ؛ بحيث يترصّد من وراء الكون، ولا يوجد روح تبقى بعد فناء الجسد ولا معجزات – عدا عن بعض الظّواهر الطّبيعية الّتي لم نفهمها بعد. وسنتمكّن في المستقبل من تقديم تفسيرات لبعض الظّواهر غير المفهومة بشكل كامل حاليًا، باستخدام القوانين الطّبيعيّة- كما حصل في الماضي عند اكتشاف سبب قوس قزح- ونأمل ألّا يقلّل ذلك من روعتها في تفكيرنا”([17]).
القضيّة الأولى والمركزيّة الّتي تطرح في هذه المجال هي أنّ عدم اعتقاد دوكينز والملحدين الجدد بما هو غير مادّيّ يرتكز إلى مسألة إبستمولوجيّة مهمّة جدًّا، وحاصلها أنّ هذا المذهب يستلزم القول بالمذهب الاسمانيّ بشكل تلقائيّ. والاسمانيّة هي “مذهب يقول بعدم وجود أفكار عامّة […]، وإنّما يوجد فقط علامات عامّة”([18])، وهذا الأمر يهدم أساس أيّ معرفة؛ بل وأيّ تواصل على مستوى اللّفظ كما سنبيّن.
وتفصيل هذا الأمر أنّ المذهب المادّيّ، وإن كان ادّعاءً غير إبستمولوجيّ في ظاهره، إذ لا يتعلّق بآليّات المعرفة، ومصادرها، وكيفيّة تشكّلها، وقيمتها؛ بل يرتبط فقط بادّعاء فلسفيّ هو حصر الواقعيّة بالعالم المادّيّ الطّبيعيّ، وإنكار ما وراء ذلك، حتّى على مستوى الوعي والإدراك اللّذين يتمّ إرجاعهما إلى محض عمليّات فيزيائيّة عصبيّة، إلّا أنّ هذا المذهب يكمن فيه جوهر إبستمولوجيّ مهمّ جدًّا، وهو أنّ حصر الواقعيّة بالمادّة سيؤدّي إلى تعلّق المعرفة بحدّ ذاتها بالأمور المادّيّة الجزئيّة. وبالتّالي، لا يمكن أن تتحقّق معرفة بالمعنى الحقيقيّ للكليّات، سواء على مستوى المفاهيم، التّصوّرات، القضايا، أو التّصديقات، وسيكون أحد اللّوازم للقول بانحصار الواقعيّة بالمادّة تبنّي مذهب الاسمانيّة([19])، وسنبيّن هذا الأمر بشيء من التّفصيل لاحقًا.
هذا كلّه مضافًا إلى أنّ تبنّي انحصار الواقعيّة بالمادّة يعني أنّ المعرفة بحدّ ذاتها أمر مادّيّ، فذهني المادّيّ غير ذهنك، وأعصابي غير أعصابك، وهكذا لا يمكن أن يكون ما أسمّيه “مثلثًا” مثلًا هو عين ما تسمّيه أنت “مثلّث” في الحقيقة؛ بل لا يعدو الاشتراك إلّا أن يكون بين الألفاظ والأسماء، وعلى أقلّ تقدير لا يمكن أن يحصل التّطابق. هذا مضافًا إلى أنّه لا وجود في العالم المادّيّ لمثلثّ “صافٍ” ومثلّث “محض”؛ بل كلّ مثلّث هو مثلّث خاصّ في خصائصه وأحكامه، هذا كلّه وفق الرّؤية المادّيّة للمعرفة والوجود.
إلّا أنّ الفلاسفة الإلهيّين لهم نظر آخر حول المسألة كما سنبيّن، ومن هنا ذهب بعض المفكّرين إلى اعتبار أنّ أصل النّقاش وعمقه بين الملاحدة الجدد وغيرهم من جهة الفلاسفة الإلهيّين هو هذه النّقطة، حيث ذكر ما لفظه “ليس من المبالغة القول بأنّ كلّ الجدالات الدّينيّة، والأخلاقيّة، والسّياسيّة الكبيرة، الّتي وقعت خلال العقود القليلة الماضية –بل القرون القليلة الماضية-، يرجع بنحو من الأنحاء إلى النّزاع الدّائر حول مسألة الكلّيّات، حتّى وإن لم يكن المجادلون أنفسهم واعين ذلك فعلًا، كما هو معلوم. وهذا يشمل، بطبيعة الحال، الجدال القائم بين الملحدين الجدد ومنتقديهم”([20]). بناءً على ما تقدّم، فإنّ المبدأ الإبستمولوجيّ الأوّل عند الملحدين الجدد هو تبنّي المذهب الاسمانيّ، وإن كان بطريقة غير واعية أو مصرّح بها، وسيأتي في القسم الثّاني مناقشة هذا المبدأ مع غيره من المبادئ الآتية.
2) في معرض مناقشة الحجّة الوجوديّة على وجود الإله، ينقل دوكينز عبارة لراسل، حاصلها التّساؤل حول إمكانيّة إثبات وجود شيء فقط من خلال التفّكير المجرّد، بعيدًا عن المشاهدة الحسّيّة وما يحكمها، والعبارة هي: “السّؤال الحقيقي هو: هل يوجد أيّ شيء نستطيع التّفكير فيه، والّذي مجرّد التّفكير فيه يرينا أنّه موجود في الحقيقة خارج أفكارنا؟ كلّ الفلاسفة يرغبون بالإجابة بنعم؛ لأنّ عمل الفيلسوف كلّه يعتمد على معرفة أشياء عن العالم بمجرد التّفكير، عوضًا عن الملاحظة. ولو كانت الإجابة نعم، فهذا يعني أنّه يمكن أن تتواجد صلة وصل بين الأفكار الصّافية والأشياء، والإجابة (لا) يجب أن تعني ببساطة لا”([21]).
ثم يصرّح دوكينز أنّه لا يعتقد بأنّ التّفكير بمجرّده يمكن أن يكشف عن حقائق واقعيّة ما لم يأخذ “قطعة” من الواقع الحسّيّ الملاحظ، فيقول: “شعوري أنا، على العكس، سيكون بشكل تلقائيّ عبارة عن شكّ عميق في أيّ طريقة تفكير تصل إلى نتيجة عظيمة الأهمّيّة كتلك الّتي تتكوّن دون وجود أيّ معلومة من العالم الحقيقي”([22]).
لا أكون مبالغًا لو قلت إنّ الأساس الإبستمولوجيّ المحض والصّريح الّذي يعتمد عليه دوكينز وأمثاله هو ما يكمن في هذه العبارة، وهو ما يكشف بشكل واضح عن أنّه لا يعتقد بالتّفكير الفلسفيّ المجرّد، ويرى أنّ كلّ تفكير لا بدّ أن يتشكّل من بعض المقدّمات الحسّيّة النّاشئة من الملاحظة بشكلٍ أساسي، وهذا هو المبدأ الثّاني الّذي سنناقشه، وسنبيّن أنّ هذا المبدأ يؤدّي إلى إنكار البديهيّات العقليّة المحضة، والقياسات البرهانيّة الّتي تنشأ منها.
3) “وجود الله وعدم وجوده هو حقيقة علميّة عن الكون، وقابلة للاكتشاف من حيث المبدأ على الأقلّ وإن لم يكن عمليًّا. لو كان موجودًا، وكشف عن نفسه، لوضع حكمًا نهائيًّا للجدال، وبشكل لا يقبل مجالًا للشّكّ، في صالحه. ولكن، وحتّى لو كان من غير الممكن البرهان على وجوده أو عدمه [علميًّا] بشكل قاطع، فإنّ الأدلّة المتوفّرة قد ترينا احتمالات بعيدة عن الخمسين بالمئة”([23]).
يواجه دوكينز فئة من علماء الطّبيعة الّذين يعتبرون أنّ على العلوم غير الفلسفيّة، والّتي تنتهج منهج التّجربة، أن تقف موقفًا صامتًا إزاء قضيّة الإله والميتافيزيقيا عمومًا، وذلك لأنّها قضايا خارجة عن نطاق العلوم الطبيعيّة؛ فلا يمكن لهذه العلوم أن تحكم بالإيجاب أو بالسّلب على قضايا الميتافيزيقيا. وهذا ما يرفضه دوكينز بشدّة –كما يظهر من النّص أعلاه-؛ بل في بعض الأحيان يسخر منه، ويؤكّد أن قضيّة وجود الإله قضيّة علميّة -بمعنى science-، ويمكن للعلوم الطّبيعية أن تحكم بالإيجاب والسّلب عليها.
هذا الادّعاء يجرّنا، من النّاحية الإبستمولوجيّة، إلى قضيّة المنهج في الإبستمولوجيا، وطبيعة العلوم، وتمايزها، والحدود الفاصلة بينها من حيث طبيعة مسائلها، والمناهج المتّبعة فيها. فما هو المعيار المعرفيّ الّذي على أساسه تحتسب قضيّة ما أنّها داخلة في علم، وخارجة عن علم آخر؟ هذا ما سنحقّقه فيما يلي.
بناءً على ما تقدّم، الأسس الإبستمولوجيّة الثّلاثة الّتي سقناها هي:
- أوّلًا: إنكار الكليّات، والقول التّلقائيّ بالمذهب الاسمانيّ، على النّحو الّذي بيّناه.
- ثانيًا: إنكار إمكانيّة التّفكير المجرّد عن القضايا والمقدّمات الحسّيّة.
- ثالثًا: إنكار عدم صلاحيّة العلوم الطّبيعية للبتّ في قضية وجود الإله.
إلى هنا، نكون قد أنهينا ذكر أهمّ المبادئ الإبستمولوجيّة الّتي يرتكز عليها تفكير دوكينز ونظائره من الملحدين الجدد، ونشرع في ما يلي بنقدها والنّظر فيها. ولا بدّ من إعادة التّنبيه بأنّنا لسنا بمعرض نقد أو تفنيد ما ذكره من الحجج على إنكار وجود الإله، أو غير ذلك من القضايا الأنطولوجيّة الفلسفيّة، ولكن نظرنا هو فقط على الجهة المعرفيّة الإبستمولوجيّة، والّتي نرى بشكل واضح أنّ النّظر فيها ونقدها سابق على النّظر في الأفكار الفلسفيّة ونقدها. فما سنراه لاحقًا في الصّفحات القليلة المتبقيّة هو أنّ الأسس الّتي تشكّل ذهنيّة الملحد، وخاصة دوكينز، ذهنيّة لا يمكن أن تصلح لا للنّقد ولا للاستدلال.
([1]) عبد الرّحمن بدوي، من تاريخ الإلحاد في الإسلام، ص 5.
([2]) J. L. Schellenberg, European Journal for Philosophy of Religion 7/1, P. 51.
ونصّ عبارته:
“The old atheism… has the following three features. It is narrowly personalist (that is, concerned only with a conception of God as person, or something like a person); it is commonly supported by philosophical arguments; and it is purely negative (that is to say, restricted to denying the existence of a personal God)”.
“Modest atheism supposes to be false a certain precise affirmative proposition about the existence of an ultimate divine reality influential in both western philosophy and western religion – that the divine exists as person and actor – while regarding it as epistemically possible (by which I mean ‘not justifiedly deniable’) that some other affirmative proposition about the existence of a religious ultimate, perhaps one unknown or even unknowable to us today, should one day prove to be true. While it closes the book on personal theism, it is open – and explicitly open – to the discovery of other forms of divine reality”.
([4]) https://www.wired.com/2006/11/atheism/
E. Taylor, James, New Atheists, Internet Encyclopedia of Philosophy.
([6]) Kettell, S. What’s really new about New Atheism? P.1.
“New atheism further maintains that religion is not simply wrong, but irrational, pathological and uniquely dangerous”
([7]) راجع: Schulzke, M., The Politics of New Atheism, pp. 778- 700.
([8]) Christopher Hitchens, God is Not Great: How religion poisons everything, p13.
قال ما لفظه :
“As I write these words and as you read them, people of faith are in their different ways planning your and my destruction, and the destruction of all the hardwon human attainments that I have touched upon. Religion poisons everything”.
([9]) يمكن مراجعة كتاب “ميليشيا الإلحاد” للكاتب عبد الله بن صالح العجيريّ، نشر دار تكوين للدراسات والأبحاث، من ص 43 إلى ص 62.
([10]) Richard Dawkins, The God Delusion, p. 227.
([11]) جيمس تايلور، الملحدون الجدد، ص 8.
([12]) Richard Dawkins, The God Delusion, p. 79.
([13]) لا بدّ من لفت النّظر إلى أنّ الفلسفة الإلهيّة لا تجد تعارضًا بين الأمرين، فلا يؤثّر أبدًا القول بأنّ لكلّ شيء في عالم الطّبيعة سببه الطّبيعي الخاصّ على قضيّة وجود الله وفاعليّته.
([14]) Edward Feser, The Last Superstition, p.115.
“But Aquinas does not argue in this lame “God of the gaps” manner, and neither do any of the great philosophical theologians”.
([15]) راجع الفصل الثّالث من كتاب الخرافة الأخيرة -المصدر السّابق-، والفصل الثّالث من كتاب نهاية حلم وهم الإله )الدّكتور أيمن المصريّ).
([16]) ([16]) J. L. Schellenberg, European Journal for Philosophy of Religion 7/1 PP. 51.
“The new atheism, exemplified by Richard Dawkins in his book The God Delusion (2006) and by at least three others ]…[ For it is quite generally opposed to the idea of transcendent or supernatural realities ] …[. In my view, there are a number of things wrong with the new atheism, and its epistemological approach –to the extent that it has one– is flawed”.
([17]) Richard Dawkins, The God Delusion, p. 14.
“An atheist in this sense of philosophical naturalist is somebody who believes there is nothing beyond the natural, physical world, no supernatural creative intelligence lurking behind the observable universe, no soul that outlasts the body and no miracles – except in the sense of natural phenomena that we don’t yet understand. If there is something that appears to lie beyond the natural world as it is now imperfectly understood, we hope eventually to understand it and embrace it within the natural. As ever when we unweave a rainbow, it will not become less wonderful”.
([18]) آندريه لالاند، موسوعة لالاند الفلسفيّة، مجلد2، ص 877.
([19]) Bana Bashour and Hans D. Muller, Contemporary Philosophical Naturalism and Its Implications, p. 101.
([20]) Edward Feser, The Last Superstition, pp. 66- 67.
“Indeed, it is not too much of an exaggeration to say that virtually every major religious, moral, and political controversy of the last several decades – of the last several centuries, in fact – in some way rests on a disagreement, even if implicit and unnoticed, over the “problem of universals” (as it is known). That includes the dispute between the “New Atheists” and their critics”.
([21]) Richard Dawkins, The God Delusion, p.82.
“The real question is: Is there anything we can think of which, by the mere fact that we can think of it, is shown to exist outside our thought? Every philosopher would like to say yes, because a philosopher’s job is to find out things about the world by thinking rather than observing. If yes is the right answer, there is a bridge from pure thought to things. If not, not”.
([22]) Richard Dawkins, The God Delusion, p. 82.
“My own feeling, to the contrary, would have been an automatic, deep suspicion of any line of reasoning that reached such a significant conclusion without feeding in a single piece of data from the real world”.
“God’s existence or non-existence is a scientific fact about the universe, discoverable in principle if not in practice. If he existed and chose to reveal it, God himself could clinch the argument, noisily and unequivocally, in his favour. And even if God’s existence is never proved or disproved with certainty one way or the other, available evidence and reasoning may yield an estimate of probability far from 50 per cent”.
الإلحاد الجديد: قراءة نقديّة في البنى الإبستمولوجيّة
إنّ تناول مسألة الرّؤى المناهضة للدّين بنسخته الكاملة، الشّاملة للمعتقدات والقيم والتّشريع…